خمريته مع العلم بحرمة الخمر ولم يكن في الواقع خمرا ، وهذا هو المسمى عندهم بالتجري وقد وقع محلا للتشاجر والنقض والإبرام بين الأعلام.
وما يمكن أن يكون محلا للكلام في المقام ثلاث مقامات :
الأول : أن المتجري أعني الفاعل لما اعتقده حراما ولم يكن حراما في الواقع هل يستحق العقوبة ويحسن عقابه من المولى الحكيم أولا؟ والبحث من هذه الجهة يناسب علم الكلام ؛ إذ مرجعه إلى أن الآمر الحكيم لو عاقب المتجري فهذا العقاب منه قبيح أولا؟ فالبحث إنما هو عن فعل الآمر.
الثاني : أن يكون البحث عن فعل المتجري وحسنه وقبحه عقلا ، فيقال : ارتكاب الفعل الذي قطع بحرمته مع عدم حرمته واقعا قبيح عقلا أولا؟ فيكون البحث على هذا اصوليا ، لوقوع نتيجته في طريق استنباط الحكم الفرعي ؛ إذ يستكشف من حكم العقل بالقبح حكم الشرع بالحرمة ، ومن عدم القبح العقلي عدم الحرمة الشرعية بقاعدة الملازمة العقلية بين حكم العقل وحكم الشرع.
الثالث : أن يكون البحث في فعل المتجري من حيث الحرمة الشرعية وعدمها ، فيكون البحث فقهيا ، ويظهر من بعض كلمات شيخنا المرتضى أن النزاع في الحرمة الشرعية ، ومن بعضها الآخر أنه في القبح العقلي.
وكيف كان فنحن نحرر الكلام مع تحقيق ما هو الحق في كل مقام بعون الملك العلام فنقول : البحث عن كون فعل المتجري حراما شرعا الذي هو المقام الثالث ، فالعناوين المجتمعة في هذا الفعل أعم من الأولية والثانوية التي يدعى تعلق الحرمة بأحدها امور :
الأول : شرب الماء ، الثاني : شرب المائع ، والثالث : شرب مقطوع الخمرية ، الرابع: التجري بالمعنى المصطلح وهو الإقدام على فعل ما قطع حرمته مع عدم إصابة قطعه الواقع ، الخامس : ارتكاب مقطوع الحرمة ، وهذه العناوين بين ما ليس بحرام قطعا ، وما لا يمكن أن يقع متعلقا للتحريم لخروجه عن الاختيار ، وما لا يمكن تعلق النهي به مولويا مع كونه اختياريا.
مخ ۳۷۲