لزوم الأخذ بما قاله الأعدل والعمل على طبقه ، إلا أن تشخيص ما قاله العدل أو الأعدل عند التعارض وكذا تعيين موارد البناء على الحالة السابقة صار بواسطة طول الزمان متوقفا على مقدمة مفقودة في حق المقلد وهي ملكة الاستنباط والاقتدار على فهم معنى الآية والخبر؛ فلهذا لا بد من رجوع المقلد إلى المجتهد لا بمعنى أن طريقه إلى الواقع بلا واسطة هو قوله ، بل قول المجتهد طريق للمقلد إلى ما هو طريقه إلى الواقع من خبر العدل ونحوه ، فهو في الحقيقة عامل على طبق ما قاله العدل ، غاية الأمر أن طريقه إلى ما قاله العدل قول المجتهد ، كما أن طريق المجتهد إليه فهمه ونظره.
فعلم أن الخطاب بالأمارات والاصول عام للمقلد أيضا غاية الأمر يجب رجوعه في تشخيص الأمارات والاصول إلى المجتهد ، فوظيفة الاستنباط وأخذ الأحكام من مآخذها من مختصات المجتهد وليس للمقلد حظ في ذلك ، ولكن العمل على طبق ما استنبطه عام له ولمقلديه لما عرفت من أن مفاد أدلة التنزيل وجعل الأصل في حق الشاك ليس إلا العمل على طبق مؤدي الأمارة والجري على وفق مقتضي الاصول ، ويدلك على ذلك أن أدلة الأحكام مثل ( أقيموا الصلاة ) و ( آتوا الزكاة ) وغيرهما خطابات عامة يندرج تحتها العالم والجاهل.
وأما الظن في حال الانسداد فإن قلنا بأنه يستكشف من مقدمات الانسداد أن الشارع جعله طريقا إلى الواقع وكاشفا عنه في تلك الحال فيكون داخلا في الطرق المعتبرة شرعا ، وإن قلنا بالحكومة بمعنى أن العقل حاكم بعد عدم إمكان الاحتياط أو عسره بترك الموهومات وأخذ المظنونات والمقطوعات وفي الحقيقة يكون حكمه راجعا إلى تبعيض الاحتياط فيكون الظن داخلا في قاعدة الاحتياط ؛ فإن معناه أنه بعد عدم إمكان الأخذ بجميع المحتملات ودوران الأمر بين الأخذ بطائفة خاصة منها ، فالعقل حاكم بتقديم الأقرب منها إلى الواقع فالأقرب ، يعني يجب الأخذ بالاحتياط مهما أمكن وليس للعقل سبيل إلى أن يجعل الظن في تلك الحال كاشفا عن الحكم الشرعي الواقعي.
مخ ۳۵۸