306

بيان الناسخ إلى وصيه ومن هو قائم مقامه ، فكأنه جرى بيان الناسخ والمنسوخ على لسان نفس النبي صلى الله على وآله ؛ إذ الوصي وجود تنزيلي للنبي ، وهذا بخلاف نسخ الشرائع ؛ فإن الناسخ فيه جاء به نبي آخر من قبل الله سبحانه ، لا أنه كان نائبا من النبي السابق في بيانه ؛ إذ النبي السابق لم يكن مأمورا من الله بأزيد من المنسوخ ، والمأمور بالناسخ هو النبي اللاحق ، والقضية نافية للثاني دون الأول كما لا تنفى ما إذا كان الناسخ أيضا جاريا على لسان النبي صلى الله عليه وآله إلا أنه مع ذلك لا يمكن الالتزام بهذا الوجه للقطع بندرة النسخ وعدم تكثره إلى هذه الغاية.

وإن قلنا بأن ذلك من قبيل التخصيص فهذا وإن كان سالما عن إشكال لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة إذ لا نسلم أن يكون تأخير البيان إلى ما بعد وقت الحاجة من العناوين الغير المنفكة عن القبح التي هي علة تامة له كعنوان الظلم ، بل هو من قبيل بعض العناوين التي قبحها اقتضائي معلق على عدم طرو جهة حسن عليها كضرب اليتيم ، فمن الممكن أن يكون مصلحة في البين اقتضت التأخير وبذلك صار التأخير راجحا حسنا ، غاية ما في البين أن يقال : إن التأخير وعدم البيان كان فيه المصلحة ، فما وجه بيان الخلاف ، وهذا أيضا مردود بأنا نقطع بأن كثيرا من الأحكام لم يكن المصلحة في بيانها ، بل بعض الموضوعات لم يبين حكمها إلى زمان ظهور القائم عجل الله تعالى فرجه كحكم شرب التتن ولا بد أن نلتزم في أمثال ذلك بأن المصلحة اقتضت عدم البيان ، فكما نلتزم في هذه الأحكام بكون المصلحة في عدم البيان نلتزم في ما نحن فيه بكون المصلحة متعلقة ببيان الخلاف إلا أنه مع ذلك لا يخلو عن ركاكة وحزازة ؛ إذ يلزم على هذا سلب الوثوق عن عامة العمومات ؛ لاحتمال أن لا يكون بصدد بيان الحكم الواقعي وأن المصلحة اقتضت بيان الخلاف.

فما يكون هو الوجه في هذا لمقام هو أن يقال : إنا تصورنا في أحكام الشارع قسمين من الحكم وإن لم نجدهما في أحكام غيره كلاهما صحيح تام سالم من الإشكال ، الأول: جعل الحكم في موضوع الواقع وهو المسمى بالواقعي ، والثاني :

مخ ۳۰۹