228

الشرع بها وسكت عن بيان كيفية سببيتها كان إطلاق كلامه محمولا على الكيفية المرسومة المتعارفة عند العرف ، أعني السببية بلحاظ الوجود الساري ، فمرسومية هذا النحو من السببية أعني سببية الوجود الساري وتعارفها عند العرف قرينة عامة موجبة لحمل إطلاق الكلام الدال على السببية عليه.

فهذا نظير استفادة كيفية تأثير النجاسات في التنجيس وأنه يكون على وجه الملاقاة دون المجاورة وغيرها من كون الغالب في التأثيرات العادية كونها على هذا الوجه ، فقوله عليه السلام : «إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء» مفهومه أن الماء القليل ينجسه النجاسات ، وأما كيفية تنجسها له فهذا الكلام ساكت عنها ، فيحمل على كونه بوجه الملاقاة بقرينة أن الغالب في التاثيرات العادية ذلك ، وهذا بخلاف وصف الوجوب ؛ فإن تعلقه بالطبيعة باعتبار صرف الوجود شائع في العرف والعادة.

فإن قلت : سلمنا ظهور إطلاق القضية المبدوة بإن وإذا في تعدد السبب بالقرينة المذكورة ، لكنا نقول : إن الأسباب المتعددة المتعاقبة في الوجود يختص أولها بالتأثير ويلغو الثاني لو كان المسبب غير قابل للتعدد والتكرار ، والمسبب في باب الأسباب الشرعية هو الطبيعة المأمور بها كالتوضؤ في قوله : إذا نمت فتوضأ ، وهي غير قابلة للتكرار ؛ لأنها باعترافكم مأخوذة بلحاظ صرف الوجود الخارق للعدم ، وخرق العدم لا يمكن إلا مرة واحدة، فالأفراد المتعددة المتعاقبة من النوم مثلا لا تأثير إلا لأولها ؛ لعدم قابلية المحل إلا لتأثير واحد ، نظير عدم تأثير النار في إحراق المحل بعد احتراقه بنار اخرى ، والحاصل أن السبب وإن كان متعددا إلا أن المسبب والتأثير واحدان.

قلت : أخذ الطبيعة في جانب الوجوب بلحاظ صرف الوجود إنما يكون من

مخ ۲۳۱