كان سوء فيكون واجب الوجود لوجود علته ، وخصوصية إيجاد هذا الغصب في موضوع الخروج والتخلص دون البقاء مستندة إلى اختيار جديد وهو اختيار خير بالوجدان ، فمبعدية هذا الوجود باعتبار الاختيار الأول ومقربيته باعتبار الاختيار الثاني ، وذلك لوضوح إناطة القرب والبعد على الاختيار ، فالفعل الغير الاختياري لا يكون مقربا ولا مبعدا.
ثم إنه ذكر في الكفاية ما حاصله : أن الاضطرار إلى الحرام لو كان بمقدمة غير اختيارية يوجب لأن يكون ملاك الوجوب على تقدير ثبوته فيه مؤثرا ، كما كان مباحا من الأصل بلا كلام حتى على القول بالامتناع إلى أن قال ما حاصله : إنما الكلام فيما إذا كان الاضطرار إليه بمقدمة اختيارية وصار المضطر إليه مقدمة منحصرة للواجب ، فيه أقوال ، واختار بعد ذكرها أنه منهي عنه بالنهي السابق وليس بمأمور به ،
وقد ذكر قدسسره عند ذكر الثمرات بين الأقوال ما حاصله : أنه لو اضطر المكلف بسوء اختياره إلى التصرف في مكان مغصوب فصلاته فيه حال الخروج صحيحة حتى على القول بعدم كون نفس الخروج مأمورا به ؛ فإن هذا لو لا عروض مثل وجه الصلاتي عليه ؛ إذ المفروض غلبة ملاك أمره على ملاك النهي عن الغصب.
وأنت خبير بأن المستفاد من هذا الكلام قاعدة كلية وهي أن كل فعل غلب فيه ملاك الأمر على ملاك النهي فهو مأمور به ولو كان حراما مضطرا إليه بسوء الاختيار ، ولا يخفى أن جميع موارد الاضطرار إلى أحد محذورين والدوران بين قبيحين أحدهما أخف سواء كان من قبيل الأقل والأكثر ، كما في مثال من توسط أرضا مغصوبة حيث دار أمره بين الغصب بمقدار أربع دقائق أو أزيد أم من قبيل المتبانيين كما في من ألقى نفسه في مكان يضطر فيه إلى شرب الخمر أو قتل النفس يكون من هذا القبيل ، يعنى يكون ملاك الأمر في الاخف وهو كونه سببا للتخلص عن المحذور الأشد أقوى من ملاك النهي الموجود في ذات الأخف ، فلا بد من القول بكون الأخف مأمورا به مطلقا ولو كان الاضطرار بسوء الاختيار .
مخ ۲۱۶