هذا المعنى وإن كان موجودا في بعض مسائل الاصول كما في الاستصحاب بناء على حجيته من باب التعبد والأخبار ، حيث إن البحث فيه راجع إلى أن إبقاء الحالة السابقة الذي هو فعل المكلف واجب شرعا أولا ، إلا أنه غير موجود في المقام ؛ فإن المتنازع فيه هنا هو الإمكان والامتناع العقليان لا الحكم الشرعي ، والموضوع هو الأمر والنهي لا فعل المكلف ، ومجرد ترتب صحة العبادة وفسادها على نتيجة هذه المسألة لا يوجب إلا فقهية المترتب لا المترتب عليه.
نعم يكون هذه المسألة اصولية وكلامية لتوجه نظر الاصولي والمتكلم إليها وحصول غرضيهما بها ،
أما الأول فلأن معيار المسائل الاصولية هو القواعد الممهدة من العقل أو الشرع التي بعد الفراغ منها تكون نتيجتها مثمرة لاستكشاف حال المكلف بالنسبة إلى الأحكام الأولية الواقعية أعني الثابتة في اللوح المحفوظ المتساوي فيها جميع المكلفين من العالم والجاهل.
إما بأن توصل المكلف إليها علما مثل قاعدة الحسن والقبح العقليين وثبوت الملازمة العقلية بين حكم العقل وحكم الشرع ؛ فإنه إذا حكم العقل بحسن شيء نقطع بمقتضى الملازمة العقلية بوجوبه واقعا عند الشرع وكذا مسألة الضد.
وإما بأن يفيد تنجزها في حق المكلف مثل قاعدة الاحتياط في الشك في أطراف العلم الإجمالي ، فإنه لإحراز الواقع والاجتناب عما هو الواجب الاجتناب واقعا ، فلو كان هذا الواحد واجب الاجتناب واقعا يصح من الشارع المؤاخذة على ترك اجتنابه ، وكذا في الشك البدوي قبل الفحص.
وإما بأن يفيد إسقاطها عن المكلف مثل قاعدة البراءة في الشك البدوي بعد الفحص؛ فإن التكليف المنفي بها لو كان ثابتا واقعا يقبح من المولى المؤاخذة على مخالفته.
وإما بأن يفيد تنجزها تارة وإسقاطها اخرى مثل قاعدة الاستصحاب ؛ فإنه لو اجري في ثبوت التكليف وكان ثابتا واقعا كان منجزا ، أو في نفي التكليف وكان في
مخ ۱۹۰