170

الآخر ، أو يجعل الشرط كون المكلف بحيث يترك في علم الله.

أما الأول فلا يلتزم به كل من أحال التكليف بما لا يطاق ، وأما الأول من الأخيرين فلا مانع منه ، إلا أنه عليه لا يصير الأمر مطلقا إلا بعد تحقق الترك ومضي زمانه ، وهذا وإن كان صحيحا لكنه خارج عن فرض القائل بالترتب ؛ لأنه يدعي تحقق الأمرين في زمان واحد.

وأما الأخير منهما فلازمه القول بإطلاق الأمر المتعلق بالمهم في ظرف تحقق شرطه والمفروض وجود الأمر بالأهم أيضا ؛ لأنه مطلق ، ففي زمان تحقق شرط المهم يجتمع الأمران المتعلقان بالضدين وكل واحد منهما مطلق ، أما الأمر المتعلق بالأهم فواضح ، وأما الأمر المتعلق بالمهم فلأن الأمر المشروط بعد تحقق شرطه يصير مطلقا.

والجواب يظهر مما قدمناه في المقدمات وحاصله : أن الأمر بالأهم مطلق والأمر بالمهم مشروط ، أما قولك بأن الشرط إما هو الترك الخارجي أو العنوان المنتزع منه فنقول : إنه هو الترك الخارجي ، وقولك إنه على هذا يلزم تأخر الطلب عن زمان الترك ، مدفوع بما عرفت من عدم لزوم اقتضاء الطلب المشروط إيجاد متعلقه بعد تحقق الشرط ، بل قد يقتضيه كذلك وقد يقتضي مقارنة الفعل للشرط كما عرفت ذلك كله مشروحا.

فإن قلت : سلمنا كون الشرط نفس الترك الخارجي للضد ولا يلزم من ذلك تأخر الطلب عن مضي زمان الترك ولكن نقول : في ظرف فعلية الطلب المشروط إما تقول ببقاء الطلب المطلق أولا ، والثاني خلاف الفرض ، والأول التزام بالأمر بما لا يطاق.

قلت : نختار الشق الأول ولكن لا يقتضي الطلب الموجود حينئذ إلا عدم تحقق الترك الذي هو شرط لوجوب الآخر ، لا أنه يقتضي إيجاد الفعل في ظرف تحقق هذا الترك كما أوضحناه في المقدمات ، فليتأمل في المقام ؛ فإنه مما ينبغي أن يصرف لأجله الليالي والأيام.

مخ ۱۷۳