اورګانون جدید
الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة
ژانرونه
وافترض أن الطبيعة محل البحث هي فعل وحركة الروح الحبيسة في الأجسام العينية (الملموسة)، فكل جسم عيني على الأرض يحتوي روحا غير مرئية وغير ملموسة، الجسم يغلفها ويكسوها، وهذا هو المصدر الثلاثي القوي والمدهش لعملية الروح في الجسم العيني. حين تتحرر الروح التي بداخل الشيء العيني تنكمش الأجسام وتيبس، وحين تستبقى فيها تطرى وتلين، وحين لا تتحرر تماما ولا تستبقى تماما فهي تشكلها وتمنحها الأعضاء، وتتمثل وتهضم وتستهلك وتنظم ... إلخ، كل هذا يوصل إلى الحواس بواسطة الآثار المرئية.
ففي كل جسم عيني وغير حي تتكاثر الروح الحبيسة أولا وتتغذى على الأجزاء العينية المتاحة والمتوافرة وتهضمها وتذيبها وتحولها إلى روح ، ثم تهربان معا ، هذا التكاثر والذوبان بواسطة الروح يوصل إلى الحواس في هيئة نقصان الوزن، فعندما يجف أي شيء فإن شيئا ما يفقد من كمه، وهذا النقصان ليس من الروح التي كانت فيه من قبل بقدر ما هو من المادة التي كانت عينية من قبل وشرعت للتو في التحول، إذ إن الروح لا ثقل لها، والآن فإن خروج الروح وانطلاقها يتمثل للحواس في صدأ المعادن وغيره من مظاهر التحلل التي تتوقف قبيل أن تصل إلى بداءات الحياة التي تنتمي إلى الجنس الثالث من العملية،
68
ففي المواد المدمجة لا تجد الروح مسام ومنافذ تخرج منها، ومن ثم تضطر إلى طرد الأجزاء العينية خارجا ودفعها أمامها فتبرز معها، ومن هنا يحدث الصدأ وما شابهه. يوصل تقلص الأجزاء العينية عقب انطلاق بعض من الروح (متبوعا بالجفاف)، يوصل إلى الحس بواسطة زيادة في صلابة الشيء، ولكن بدرجة أكبر من ذلك بكثير بواسطة تشقق لاحق وانكماش وتجعد وانثناء في الأجسام، فقطع الخشب تذبل وتنكمش، والجلود تتجعد، ليس هذا فحسب، بل (بعد انطلاق مفاجئ للروح بواسطة حرارة لهب) تميل بشدة إلى الانقباض بحيث تلتوي وتلتف على نفسها.
وعلى النقيض من ذلك، حين تستبقى الروح بينما تتمدد، وتنبه بالحرارة أو ما شابهها (كما يحدث في حالة المواد الصلبة والمتماسكة)، عندئذ تطرى الأجسام كما في الحديد الساخن، أو تسيل مثل المعادن، أو تنصهر مثل الصمغ والشمع وما شابه، هكذا تفسر بسهولة التأثيرات المتضادة للحرارة (بعض الأشياء يتصلب بالحرارة وبعضها يسيل)، ففي الحالة الأولى تنطلق الروح وفي الثانية تثار الروح ولكنها تستبقى، والأخير هو فعل الحرارة والروح ذاتهما، والأول هو فعل الأجزاء العينية، وما انطلاق الروح إلا مناسبة الفعل لا أكثر.
أما إذا كانت الروح لا هي مستبقاة كليا ولا متحررة كليا، بل تناضل وتكافح داخل قيودها، وفي حوزتها الأجزاء العينية التي تطيع وتذعن وتتبع الروح للتو حيثما تقودها، فإن النتيجة هي تكون جسم عضوي، نمو الأعضاء والأنشطة الأخرى للحياة، في كل من النباتات والحيوانات، توصل هذه الأشياء إلى الحواس عن طريق الملاحظة الدقيقة للبدايات والبداءات المبكرة أو محاولات الحياة في المخلوقات الدقيقة التي تولد من التحلل، مثل: بيض النمل والديدان والذباب والضفادع بعد المطر ... إلخ، فلكي تنتج الحياة لا بد من وجود حرارة لطيفة ومادة ملائمة، بحيث لا تهرب الروح بسرعة ولا هي تمنع بمقاومة الأجزاء من ثني هذه الأجزاء وتشكيلها كالشمع.
مرة ثانية هناك شواهد كثيرة جدا للتوصيل تضع أمام أعيننا الفروق الأهم والأعرض مجالا بين الأرواح: الروح المعزولة، والروح المتفرعة، والروح المتفرعة والخلوية في آن معا، الأولى: روح الأجسام غير الحية، والثانية: روح النباتات، والثالثة: روح الحيوانات.
من الواضح أيضا أن أنسجة الأشياء وبنياتها الأدق هي غير مدركة لا بالبصر ولا باللمس (رغم أن الجسم الكلي مرئي وملموس)؛ ولذا ففي هذه الحالات أيضا تأتي المعلومات عن طريق التوصيل (الرد)، ولكن الفرق الأكثر جذرية وأولية بين البنيات يعتمد على مقدار المادة الأكبر أو الأقل الذي يشغل نفس المكان أو البعد، وجميع الأشكال الأخرى (التي تعود إلى الملامح المعينة للأجزاء المتضمنة في نفس الجسم وأماكنها وأوضاعها النسبية) ثانوية فحسب بالنسبة إليه.
افترض أن الطبيعة محل البحث هي تمدد المادة في الأجسام وانكماشها، أو كم من المادة يشغل كم من المكان في كل جسم، فليس ثمة ما هو أصدق انطباقا على الطبيعة من القضية المزدوجة القائلة: «لا شيء يأتي من لا شيء»، و«لا شيء يئول إلى لا شيء»،
69
ناپیژندل شوی مخ