[81_2]
وخدام دولتهم في الشرق؛ فأقام بهم في المغرب دولة قوية يرهب بأسها وسلطانها. وقطع الخطبة العباسية وأباد جيشا برمته بعث به العباسيون لمناجزته.
أسقط العباسيون قيادات العرب، فنشأت الشعوبية أي التفرقة بين العرب والعجم، فنقض أول حجر من أساس بناء الدولة، ولما ترسخ قواعدها. قضى العباسيون بأيديهم على سلطانهم منذ أقاموا ملكهم بالجور والجبرية، واستسلموا لأبناء خراسان، ونظروا بعين الريبة إلى أبناء قحطان وعدنان.
أمعن عمال العباسين في إرهاق الرعية على ما لم يجوزه دين ساوى بين الصغير والكبير، وعلى ما لم يجر مثله في الدولة السالفة، وأصبحت الأموال تجبي بأنواع من الظلم، وتصرف في ضروب من الإسراف. وفشا الترف حتى تجاوز كثيرا مدى ما بلغته الرفاهية في عهد بني مروان. وكان دولة بني العباس قامت الضعفاء وتغني الأقوياء من السادة والقادة، كفعل الدول الجبارة في قديم الدهر وحديثه. ثم إن الأخلاق تبدلت تبعا لتبدلهما في الطبقات العليا، ولم يبق للدين تلك الروعة التي كانت له في عهد الراشدين والأمويين، فاستحالت بعض معانيه السامية من النفوس، وإن لم تتبدل مظاهره وأوضاعه.
وبدأ في هذا العصر نقل الكتب العلمية من لغات الفرس واليونان والسريان والهند، وكان تقدم بعض رجال بني أمية فشرعوا بهذه الحركة المباركة، واخذ الخلفاء والأمراء يفضلون على من تصدوا لنقل علوم القدماء. وحاول بعض من دخلوا في الإسلام، يحملون أرواح أديانهم ومقالاتهم القديمة، إلقاء الشبه في الدين؛ فقام رجال كفاة يردون عليهم عن طريق العقل، ويدافعون عن العقيدة في ذات الله وصفاته، ليدفعوا عن الإسلام شبه المانوية والديصانية والنصارى واليهود والملاحدة، وكان الناس منذ عهد التابعين يعالجون موضوعات دينية ما تخيلوا الخوض فيها من قبل، والمسلمون كانوا أولا إلى الاكتفاء بالنقل والتسليم في
مخ ۸۱