[5_2]
تحتذي مثاله في أسلوبه وأداء معانيه، وقد أريد على ذلك وتحدوا عليه. والقرآن حسن ملكة الكتابة والخطابة، كما كان كذلك تأثيره في الشعراء، فجاء الشعر الإسلامي أرق من الشعر الجاهلي.
وقد قال بعض العارفين إن في القرآن المرسل والمسجع والمزدوج. والمرسل ما يطلق فيه الكلام إطلاقا ولا يقطع أجزاء، بل يرسل إرسالا من غير تقليد بقافية ولا غيرها. والمسجع ما أتى قطعا والتزمت في كل قافيتين منه قافية واحدة. والمزدوج أن يشبه الكلام بعضه بعضا في السجع أو الوزن. وقالوا إنه لا يحسن منثور الكلام ولا يحلو حتى يكون مزدوجا، ولا تكاد تجد لبليغ كلاما يخلو من الازدواج.
يقول ابن خلدون إن القرآن وإن كان من المنثور، إلا أنه خارج عن الواصفين، وليس يسمى مرسلا مطلقا ولا مسجعا، بل تفصيل آياته ينتهي إلى مقاطع يشهد الذوق بانتهاء الكلام عندها، ثم يعاد الكلام في الآية الأخرى بعدها، ويثنى من غير التزام حرف لا يكون سجعا ولا قافية، ويسمى آخر الآيات فواصل، إذ ليست أسجاعا، ولا التزام فيها ما يلتزم في السجع ولا هي قواف.
وذهب المعتزلة إلى نفي السجع من القرآن. وقال الباقلاني: أن السجع من الكلام يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع، وليس كذلك ما أتفق مما هو في تقدير السجع من القرآن، لأن اللفظ يقع فيه تابعا للمعنى. وفصل بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود فيه، وبين أن يكون المعنى منتظما دون اللفظ؛ ومتى أرتبط المعنى بالسجع كانت إفادة السجع كإفادة غيره؛ ومتى أرتبط المعنى بنفسه دون السجع، كان مستجلبا لتجنيس الكلام دون تصحيح المعنى. وقال أيضا: ولو كان القرآن سجعا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم، ولو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز، ولو جاز أن يقال هو سجع معجز، لجاز لهم أن
مخ ۵