[44_2]
ولا إحجام، يقضون بالسيوف، ويخالطون الزحوف، في أعنتهم الحتوف، يزأرون زئير الأسد، ويثبون وثوب الفهود، ليس فيهم إلا شاك محتبك، في الحرب محترف، قد شرب على ناجذ الحرب وأكل، ذو شقشقة وكلكل، كأنما أشرب وجهه نقيع الحناء، قدر ثم الحرب ورضعها، وغذته وألفها، فهي أمه وهو ابنها، يسكن إليها ويأنس بقربها، فهو بطلبها أرب، وعلى أهلها حرب، ولا يروعه ما يروع، ولا يزيغه ما يزيغ الغمر الجبان، حين يشتد الوغي، وتخطر القنا، وتقلص الشفاه، وتسفر الكماة فعند ذلك تسلمك المرد، وتكشف عن الجرد، فتأهب لذلك أهبتك، واخطب له خطبتك، من المساكين والحوكة، ثم كيدوني جميعا فلا تنظرون، فما أسرنا إكثارك الجموع وحشدك الخيول، فإنك لا تكثف جمعا، ولا تسرب خيلا، إلا وثقنا بأن سيمدنا الله من ملائكته، ويزيدنا من نصره، مما قد جرت به سنته، وسلفت به عادته، ونحن نجري من ذلك على نقمات من الله ونكال وسطوات مهلكة. رأيتم ذلك في المنازل، وعرفتموه في المواطن التي يجمعها الحق والباطل؛ فأبشر منا ساءك ضجرا، وعساك تقاد كما يقاد الجمل المخشوش أما بعد، فقد بلغ أمير المؤمنين عنك أمر لم يحتمله لك، إلا ما أحب من رب صنيعته قبلك، واستتمام معروفه إليك، وكان أمير المؤمنين أحق من أصلح ما فسد منك، وإنك إن عدت لمثل مقالتك، وما بلغ أمير المؤمنين عنك، رأي في معاجلتك رأيه، فإن النعمة إذا طالت بالعيد ممتدة أبطرته، فأساء حمل الكرامة، واستثقل العافية، ونسب ما هو فيه إلى حيلته، وحسن نبته ورهطه وعشيرته، وإذا نزلت به الغير، وانكشفت عماية العشا عنه، ذل منقادا وندم حسيرا، وتمكن منه عدوه، قادرا عليه وقاهرا له. ولو أراد أمير المؤمنين مكافأتك بلفظك، ومعجلة إفسادك، جمع بينك وبين من فلتات خطئك وعظيم زلتك؛ ولعمري لو حاول أمير المؤمنين مكافأتك بلفظك في مجلسك، وجحودك فضله عليك، لردك إلى ما كنت
مخ ۴۴