[33_2]
وسبعين، وهذا يناقض ما سيمر بك من أنه غمز عليه سنة 132 وهو عند أبن المقفع، ولم يعرف الموكلون بالقبض عليه أيهما عبد الحميد، وابن المقفع إذ ذاك كان في الكهولة، فلا يعقل إلا أن يكون صاحب الشرطة العباسي عارفا على الأقل بأن صاحبه شيخ هرم؛ ونميل إلى أن عبد الحميد كتب أولا لهشام بن عبد الملك الذي ولي سنة 105 ومات سنة 125 ثم لمروان.
والأرجح أن عبد الحميد تخرج في الكتابة بسالم بن عبد الله مولى هشام بن عبد الملك وكاتبه، ويقال مولى المنذر بن عبد الملك، وقيل سالم مولى سعيد بن عبد الملك، وكتب للوليد بن يزيد، ثم كتب له أبنه عبد الله بن سالم. وكان سالم ختن عبد الحميد، أي صهره زوج أخته، وهو أحد الفصحاء البلغاء، وقد نقل رسائل أرسطاليس إلى الإسكندر، ونقل له وأصلح هو، ولسالم رسائل مجموعة في نحو مائة ورقة؛ وبهذا يقال إن عبد الحميد أخذ عن رجل بليغ يعرف الاستخراج من أدب اليونان وسياستهم، ولم يثبت أنه كان يعرف اليونانية كما وهم بعض أساتذة العصر، وربما شدا شيئا من الأرمينية مدة مقامه في أرمينية كاتبا لمروان. ويقول ابن هلال العسكري إن عبد الحميد كان يحسن الفارسية، وبأدب هذه اللغة تأدب، وعلى منوال حكمائها نسج، وألف تطويل الرسائل واختصارها بحسب الحال. فمن الرومية أخذ بالواسطة، ومن الفارسية أخذ مباشرة، والفارسية ما كانت تقل حكمة أهلها عن حكمة اليونان.
ساعد عبد الحميد أدبه الفارسي على نبوغه في البلاغة العربية؛ ويقول عبد القاهر: إن من عرف أوضاع لغة من اللغات عربية كانت أو فارسية وعرف المغزي من كل لفظة، ثم ساعده اللسان على النطق بها، وعلى تأدية أجراسها وحروفها، فهو بين في تلك اللغة، كامل الإدارة، بالغ من البيان المبلغ الذي لا مزيد عليه، منته إلى الغاية التي لا مذهب بعدها.
مخ ۳۳