[20_2]
[ح] شأوها، حتى جمع فيها ببن طريقة المتقدمين وطريقة المتأخرين فخلص لنفسه طريقة، وأنشأ لنفسه منهاجا؛ فسلك تارة طريقة الجاحظ، وتارة طريقة السجع.
وضع الهمذاني طريقة المقامات، وقيل إنه اقتبسها من ابن دريد، وعلى منواله نسخ الحريري في القرن التالي على أسلوب مبتكر، لا يصلح للرسائل ولا للكتب، وما هو إلا ضرب جديد من النثر، تقرأ في تضاعيفه الكلفة الظاهرة، وقد قلدهما فيه الزمخشري والوطواط، ومن المتأخرين ابن الوردي والسيوطي، والسيوطي ولع كمعاصره ابن عبد الهادي أن يكتب في كل موضوع؛ ومعظم أبناء هذه العصور عصور السجع هم أهل تكلف وتصنع، وأبو العلاء المعري يندمج فيهم وإن تقدمهم في الميلاد؛ فهو حكيم لغوي غلب الغريب والسجع على ما كتب في رسائله ورسالة الغفران لو خلت من السجع لكانت في موضوعها آية، وابن القارح في رسالته التي رد عليها أبو العلاء، أكتب وأبلغ، وفي منثور المعري نشوفة ويبوسة لا تخفي على من تذوق البلاغة.
ذكر الثعالبي، وهو من أئمة الكتابة الذين جودوا في المرسل والسجع، أن من النثر المسجع ومنه المرسل، قال: والمحمود في هذا الزمان، أي في القرن الخامس المرسل، إذا اشتمل على شيء من السجع يجيء عفوا. وقال صاحب نقد النثر: إن أوصاف البلاغة السجع في موضعه، وعند سماحة القريحة به، وأن يكون في بعض الكلام لا في جميعه؛ فإن السجع في الكلام كمثل القافية في الشعر، وإن كانت القافية غير مستغنى عنها، والسجع مستغنى عنه، فأما أن يلزمه الإنسان في جميع قوله ورسائله، وخطبه ومناقلاته، فذلك جهل من فاعله وعي من قائله وقد رويت الكراهية فيه عن رسول الله، ولو كان لزوم السجع في القول والإغراب فيه وفي اللفظ هي البلاغة، لكان الله عز وجل أولى باستعماله في كلامه الذي هو أفضل الكلام، ولكان النبي والأئمة المهديون قد استعملوهما ولزموا سبيلهما،
مخ ۲۰