[[ح] الأسلوب المتكلف:]
[18_2]
الأسلوب المتكلف:
هذا وإن في منثور الكتاب من القرن الثاني إلى الخامس بل السادس إحسانا دون كل إحسان، والقليل الذي قرأناه لعمارة بن حمزة وإسماعيل بن صبيح وجعفر بن يحيى ويحيى بن جعفر وخالد بن جعفر وعلي بن عيسى وابن الفرات هو غرة في وجوه الكلام على غابر الأيام.
وكان لعلي بن عيسى مذهب في الترسل، لا يلحقه فيه أحد ولا ابن الفرات، وابن الفرات هو الذي وضع الألقاب في مخاطبة الملوك والأمراء والوزراء والعمال، وكانوا قبله يكتفون بالاسم والتكنية، ولا تلاحظ في الكتابة من الصغير إلى الكبير وبالعكس تعظيما ولا تصغيرا، شأن العرب في مخاطبة بعضهم بعضا، يتخاطبون بأسمائهم وكنانهم، ويقتصرون في المكاتبات على الباب دون القشور. ولم يطل عمر هذه المصطلحات في التقليب، فالمواضعة والاصطلاح في الخطاب يتغير - كما قال ابن سنان - بحسب تغير الأزمنة والدول. قال: إن العدة القديمة قد هجرت ورفضت واستجد الناس عادة بعد عادة، حتى أن الذي كان يستعمل في عصره في الكتب غير ما كان يستعمل في أيام أبي إسحاق الصابي مع قرب زمانه من زمان ابن سنان.
هذا في بلاد الشرق، أما في الأندلس فقد ظلت دولتهم عربية في كل مظاهرها، لا تعرف التقليب الذي أحدثه من جاوروا الرفس واخذوا مدنيتهم وادخلوا رجالهم في جملتهم. قالوا وكان ابن قصيرة من كتاب الأندلس على طريقة قدماء الكتاب من إتيان جزل الألفاظ وصحيح المعاني من غير التفات إلى الأسجاع التي أخذها متأخرو الكتاب، الله إلا ما جاء في رسائله من ذلك عفوا من غير استدعاء.
وكذلك يقال في ابن بسام فإنه أحسن تصوير من ترجم لهم من شعراء الجزيرة؛ كما أحسن في القرن الثامن لسان الدين بن الخطيب في تصوير رجال غرناطة. وظل كتاب الأندلس على اقتفاء خطى العرب في الكتابة حتى راجت في المشرق
مخ ۱۸