جميل، وألقت على رأسها بخمار صفيق رقيق، وقدمت إليه فأسا ذات حدين أحدهما كالساطور، ركبت فيها يد من خشب الزيتون المتين، ثم إزميلا حادا مرهفا. وسارت بين يديه حتى كانا عند غابة عظيمة مخوفة لاحبة شاحبة، بسقت فيها أشجار الحور والسنديان والشربين،
8
وتركته ثمة وعادت أدراجها إلى كهفها.
ولم يهدأ للبطل المسكين بال، بل شرع من فوره يقطع كل أيكة عظيمة حتى اجتث عشرين من أكبر دوح الغابة. ثم أقبلت كاليبسو وقد حملت إليه آلات ساعدته على تشذيب الشجر، واستطاع بعد لأي أن يضم بعض الجذوع إلى بعض، ثم كلبها بكلابات كبار، وأفرغ في وسط الرمث له ولما يحمل مكانا أمينا كأحسن ما يصنع السفانون، ودعم ذلك جميعا بألواح ودسر، وصنع قلعا وجعل في القلع شراعا، ثم سوى السكان مكانه، وجعل في الباطن صبارة
9
كبيرة تقي الرمث الانقلاب، ولم ينس أن يجدل جوانبه بفروع وأغصان تزيد في قوته تضاعف من متنه، وأتم صنع مركبه في أربعة أيام، وأنزله إلى البحر في الخامس، ثم أدخلته عروس الماء حمامها فغسلته وضمخته بالطيوب والعطور، وخلعت عليه من ديباج ثمين، وزودته بزقين من خمر وماء، وأمدته بشيء كثير من طعام وأثواب.
مارس وفينوس.
وودع عروس الماء المحزونة وجلس عند السكان ثم دفع الرمث في البحر وابتعد رويدا رويدا.
وكان قلبه يفيض بالبشر وصدره يمتلئ بالانشراح. وظل يجري به الفلك الصغير سبعة عشر يوما، وعيناه في كل ليل ما تريمان عن الثريا في علياء السماء، وما تفتران تنظران إلى نجوم الدب الأكبر التي تقف للجبار
10
ناپیژندل شوی مخ