عرب ادبيان په عباسي عصرو کې
أدباء العرب في الأعصر العباسية
ژانرونه
والجاحظ أكبر أديب عرفته لغة العرب، وتقدم عصره فكانت كتبه هداية للأدباء، وقدوة للمنشئين، يرتضعون لبانها، ويضربون على غرارها. وقد شاقهم فيها ذلك الأدب الخليط وما فيه من جد وعبث، ففتنوا به واتبعوه، فكثر طلابه ومقلدوه، فجاءت كتبهم حافلة بمختلف الموضوعات فيها اختلاط واستطراد وسوء ترتيب. ومنهم من كان يكره الجاحظ كابن قتيبة فإنه - مع تشنيعه عليه لما بينهما من اختلاف في المذهب
28 - لم يسعه إلا السير على خطته في تأليفه، فارتسم مجونه ومضاحيكه في كتابه عيون الأخبار مع أنه كان ينكر عليه ذلك، وقلده في تناول الأغراض المختلفة، وبحث مثله عن الطبائع والأخلاق والحيوان والبخلاء والطعام. ومن تلاميذ الجاحظ أبو العباس المبرد، وابن عبد ربه، وأبو القاسم الآمدي، وكان ابن العميد يسمى الجاحظ الثاني؛ لأنه سلك طريقته في تقصير الجملة وتقطيعها، والإكثار من الشواهد. وتلمذ له القاضي الفاضل وكان يقول: «وأما الجاحظ فما منا معشر الكتاب إلا من دخل داره، أو شن على كلامه الغارة.»
وكان من تأثير كتبه أن خلقت له الأعداء والخصوم، كما خلقت له الأصدقاء والأنصار، فتضاربت فيه الأقوال، فمن مادح يغالي في مدحه، ومن ذام يسرف في ذمه ، ولم يختلف الناس يوما إلا على رجل عظيم.
على أن خصومه لم يتمكنوا من إسقاطه في تحاملهم عليه، فلم تكن مطاعن البغدادي وابن قتيبة والراوندي وسواهم، إلا لترفع قدره. وما منهم واحد استطاع أن ينكر علمه وفضله، ولكنهم هاجموه من ناحية مذهبه، فاتهموه في دينه.
ولا غرو أن يؤثر الجاحظ هذا التأثير فيكثر خصومه، ويكثر مريدوه، فإنه أوتي من الذكاء والعلم قسطا حسنا، ورأى أن الكتب في عصره، منها ما يعتمد على النقل، ومنها ما يعتمد على الرواية حتى كاد لا يكون فيها استنباط، فاختاره واضطلع بعبئه فكان راوية ومخترعا في وقت واحد، ثم رأى أن الكتاب لا يعنون إلا بعلم دخيل، أو بأدب قديم. وقل من نظر منهم إلى عصره، فروى عنه شيئا، فقام يسد هذه الثلمة، وخص عصره بجانب من كتبه، فصور أخلاق أهله وحياتهم، فشغف الناس بكتبه وأقبلوا عليها يطالعونها بلذة. والإنسان يروقه أن يرى ما يصور له البيئة التي يعيش فيها، ويحس إحساسها، ويشعر بشعورها، فكتب الجاحظ لم تكن كلها غريبة عن معاصريه كما كانت كتب ابن المقفع؛ فابن المقفع نقل آداب الفرس والهند واليونان، فأعجب الناس بها؛ لأنهم رأوا فيها شيئا جديدا لا عهد لهم به، ثم لأنها كتبت بلغة بليغة سمحة ملأت صدورهم جلالا، ولكنهم لم يجدوا صلة روحية بينهم وبين هذه الآداب؛ لأنها وضعت لزمان غير زمانهم، ولشعب غير شعبهم، فآثروا عليها كتب الجاحظ، فغلب أسلوبه على أسلوب ابن المقفع. وساعده على ذلك ما فيه من سلاسة وفكاهة وسهولة مساغ؛ فأسلوب ابن المقفع منطقي رصين، متعفف، تؤثره الطبقة الأرستقراطية لتأديب أنجالها، وتحتفل به دور التعليم، وتفضله على غيره. وأما أسلوب الجاحظ، فأسلوب ضاحك هازئ ماجن، ديموقراطي يدخل بين الطبقات كلها. وكما غلبت على ابن المقفع الثقافات العجمية غلبت على الجاحظ الثقافة العربية، فحفلت كتبه بالأشعار والنوادر والآيات والأحاديث والأمثال، غير أنه لم يهمل الثقافات الدخيلة، بل كان لليونانية والفارسية عنده حظ غير قليل.
وملك الجاحظ ناصية البيان فانقادت أوضاع اللغة ذللا بين يديه تؤاتيه في مختلف مباحثه وأغراضه، وأعطي من براعة الكلام، وقوة الاختراع، وحسن التعليل ما جعله يعرض للأشياء الحقيرة فيبني عليها موضوعات جليلة. ولو اعتمد القارئ عناوين كتبه لصدفته عن النظر فيها.
وحسب الجاحظ منزلة أنه أول من جمع علوم عصره، وصور حياة أهله وانتقد أخلاقهم وعاداتهم، وأول من وضع الكتب الطويلة الجامعة، وخلط فيها الهزل بالجد، والمجون بالرصانة، والفحش بالتعفف، والكفر بالإيمان، وكل شيء بضده؛ فهو أبرع كاتب جمع النقيضين، واحتج للنقيضين وذم ومدح النقيضين. وامتاز بالفضول العلمي وحب الاستقراء. وهو إلى ذلك شيخ من شيوخ المعتزلة، وإمام من أيمة المتكلمين، وصاحب الفرقة الجاحظية، وزعيم الأدباء غير مدافع. (3) علوم اللغة (3-1) الصرف والنحو
ظل الخلاف على أشده بين الكوفيين والبصريين، وطمت الشروح والتعليلات فتعقدت المسائل النحوية، وتشعبت طرقها، فلما توالت الفتن على المصرين وامتدت إليهما أيدي الخراب، ولا سيما البصرة بعد أن عاث فيها صاحب الزنج فسادا، أخذ العلماء يهاجرون إلى بغداد، وفيهم أصحاب النحو، فاختلط المذهبان، ونشأ منهما مذهب بغدادي جديد، أشهر أصحابه ابن قتيبة ومن كتبه «أدب الكاتب» وفيه شيء غير قليل من العلل النحوية والصرفية، وابن كيسان، وله كتاب المسائل على مذهب النحويين مما اختلف فيه البصريون والكوفيون، وكذلك نفطويه والأخفش الأصغر. ومن أفاضل النحاة في هذا العصر: المبرد وثعلب وأبو إسحاق الزجاج وأبو بكر السراج، وأبو سعيد السيرافي وسواهم. (3-2) اللغة
كان كل نحوي من المتقدمين عالما باللغة وكل لغوي عالما بالنحو ، ولكن تغلب على الواحد منهم صفة أكثر من أخرى فيعرف بها. وفي هذا العصر بدأ يتسع نطاق اللغة، وتصنف فيها الكتب المطولة، وكان من علمائها المشهورين أبو العباس المبرد، وله كتاب الكامل في اللغة والنحو والأدب، وأبو حاتم السجستاني وله كتاب «الأضداد»، وأبو الفضل الرياشي، وابن السكيت، وابن دريد وله جمهرة لسان العرب وكتاب الاشتقاق. (4) العلوم الدخيلة (4-1) العلوم الطبيعية
ظل أصحاب الكيمياء يبحثون عن الحجر الفلسفي حتى ظهر لهم بطلانه، والفضل في ذلك لأبي يوسف الفيلسوف الكندي؛ فإنه أول من نهى عن الاشتغال بالكيمياء للحصول على الذهب، وذم ذلك وبين أنه عبث وتضييع للعمر والمال. وقد أشار ابن الرومي إلى بطلان هذه الكيمياء بقوله: «كالكيمياء التي قالوا ولم تصب.»
ناپیژندل شوی مخ