192

عرب ادبيان په عباسي عصرو کې

أدباء العرب في الأعصر العباسية

ژانرونه

ويختم بنوادر وأشعار وأحاديث.

والجزء السابع، أصغر الأجزاء، يبحث فيه عما عرفت به الحيوانات من الحكمة العجيبة، والأحاسيس الدقيقة، والصفة اللطيفة، وما ألهمها الله من المعرفة، وكساها من الجبن والجرأة، وأشعرها من الفطنة بما تحاذر به عدوها. ويستدل بذلك كله على حسن صنع الله، وجلال أحكامه وتدابيره. ثم ينتقل إلى القول في الفيل، ثم في ذوات الأظلاف

23

فيتكلم على الزرافة وغيرها من الحيوانات. وعند ذلك ينتهي الكتاب.

وهذا الكتاب مستمد من عدة مراجع: منها أشعار العرب وأخبارهم وأمثالهم، ومنها القرآن والحديث، وما بلغ إليه علم الجاحظ بالتوراة والإنجيل، ومنها كتب العلوم المنقولة، ولا سيما كتب أرسطو وأقواله في الحيوان وما أضيف إليه فيه من أقوال، ومنها ما أخذه الجاحظ شفاها من أفواه من كان يحدثهم من أصحاب المهن والحرف وغيرهم، ومنها ما كان نتيجة رحلاته واختباراته.

وقد رأيت أن الجاحظ لم يقصر مباحثه على الحيوان، بل أحاط بالنواحي الأدبية والدينية والاجتماعية والخلقية؛ ففي هذا الكتاب شعر كثير، وأخبار ونوادر، وفحش ومجون. وفيه آيات وأحاديث، وحكم وأمثال. وفيه أقوال في الديانات والعبادات. وفيه أساطير وخرافات، وتقاليد وعادات.

والجاحظ كما علمت يعتمد على العقل في مباحثه شأن أصحابه المعتزلة. وقد اتخذ عقله دليلا في كتاب الحيوان، فإذا هو يدقق ويمحص، ويختبر الأشياء بنفسه، أو يسأل عنها أهل المعرفة وأصحاب الاختصاص.

وإذا اعتمد صاحب التفكير على العقل فلا يخلص في الغالب من الشك. وهكذا شك الجاحظ في ما رأى وسمع وقرأ؛ فكان يشك في أقوال أرسطو إذا لم يقبلها عقله، كما كان يشك في أقوال الرواة والمحدثين. وتراه يزين الشك ويوصي به فيقول: «وبعد، فاعرف مواضع الشك وحالاتها الموجبة، لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له.»

وجنوحه إلى الشك جعله يقف عند كل رواية ليحكم فيها عقله، فمرة يرفضها، ومرة يقبلها، ومرة يبهت دونها بين الرفض والقبول. وبهته عائد على عجزه عن أدراك الحقيقة.

وإذا اتهم أرسطو ورفض قوله شد عليه وضعف امتحاناته، ورماه بقوارص الكلام. ويسميه تارة باسمه وتارة صاحب المنطق، فمن ذلك قوله: «وقد سمعنا ما قال صاحب المنطق من قبل، وما يليق بمثله أن يخلد على نفسه في الكتب شهادات لا يحققها الامتحان، ولا يعرف صدقها أشباهه من العلماء.»

ناپیژندل شوی مخ