153

تونس ثائره

تونس الثائرة

ژانرونه

وقد كانت العلاقات بين تونس وفرنسا تزداد توترا يوما بعد يوم، حتى انقطع كل اتصال مباشر بين الحكومة التونسية والمقيم العام الجديد.

وأصبحت المخابرات بين جلالة ملك تونس والحكومة الفرنسية رأسا، فأرسلت إلى جلالة الملك مذكرة بتاريخ 26 / 1 / 1952 تعلمه فيها بأن فرنسا ستتمادى في سياسة القمع والاضطهاد بدعوى المحافظة على الأمن، قالت:

إن الحكومة الفرنسية تتحمل بمقتضى المعاهدات المعقودة مع تونس المسئولية الكاملة على المحافظة على الأمن العام في هذه البلاد ... وستقوم حكومة الجمهورية الفرنسية فيما يتعلق بها ولصيانة المصالح المشتركة لجميع سكان تونس بواجبها دون تهاون ولا إهمال.

ثم تحدثت عن إمكان بعض الإصلاحات، ووصلت أخيرا إلى بيت القصيد، فأوضحت الغرض الأصلي من تلك الرسالة، وهو الضغط على جلالة ملك تونس لكي يسحب الشكوى المرفوعة إلى هيئة الأمم، فقالت:

ومن الواضح أن مثل هذه المباحثات لا يمكن إجراؤها ما لم تسحب تونس الشكوى التي قدمت إلى الأمم المتحدة ضد فرنسا، وذلك بالرغم من أنه ليس ثمة ما يبرر تقديمها، وإن الحكومة الفرنسية ترى أن من واجبها في هذه الحالة أن تذكر جلالة الباي بما سبق أن تقدم به في هذا الشأن المقيم العام.

وختمت الحكومة الفرنسية مذكرتها بالتهديد والوعيد قائلة:

ورغبة في العمل فورا على إزالة العقبات التي تحول دون استئناف المحادثات التي توقفت، بالرغم من إرادة فرنسا أنه لزاما عليها أن تطلب في إلحاح الرد على هذه المذكرة في أقرب وقت، وأن الحكومة الفرنسية ستجد نفسها مضطرة - إذا لم تتلق الرد سريعا - إلى إطلاع الرأي العام على أنها ليست مسئولة عما يترتب على عدم استئناف المحادثات من نتائج خطيرة.

وكان جواب جلالة ملك تونس إلى الحكومة الفرنسية بتاريخ 5 فبراير 1952 يحملها فيه مسئولية الحوادث الجارية، قال: «وقد سجل جلالته الرغبة التي أعرب عنها رئيس الحكومة الفرنسية لإزالة سوء التفاهم الذي نجم عن المذكرة الفرنسية المؤرخة في 15 ديسمبر من العام الماضي، والتي أدت إلى قطع المفاوضات بين تونس وفرنسا.» ثم عبر عن استيائه واحتجاجه على ما تقوم به القوات الفرنسية المسلحة من عدوان على شعب تونس وعلى السيادة التونسية، قال: «ولقد تأثر جلالة الباي تأثرا عميقا لأعمال القمع الصارمة التي تجري الآن، والتي ألحقت أضرارا خطيرة بسلامة أفراد الشعب وممتلكاتهم كما أدت إلى المساس بسيادة الدولة.

وإن جلالة الباي الذي يهتم قدر اهتمام الحكومة الفرنسية بالمحافظة على الأمن والنظام، لا يسعه إلا أن يسجل أن الحالة لا تتطلب الإسراف في استخدام هذه القوات الكبيرة.» وأخيرا اشترط لاستئناف المفاوضات مع فرنسا وقف عدوانها وتعهدها بتحقيق الحكم الذاتي السليم. «ويخلص مما تقدم أنه لكي تستأنف المفاوضات في حرية وعلى وجه مثمر كما يرجو جلالة الباي والحكومة التونسية، على الحكومة الفرنسية أن تحدد موقفها بوضوح إزاء المبادئ التي يجب أن تتخذ قاعدة لتنظيم الإدارة التنفيذية والهيئة التشريعية في تونس، على صورة تحقق الحكم الذاتي السليم وتهيئ جوا مشبعا بالثقة التي لا يمكن توفيرها إلا بإنهاء حالة الطوارئ والنظام الشاذ الذي فرض على تونس منذ بضعة أسابيع.»

فأسرعت السلطات الفرنسية إلى حبك مؤامرتها ضد حكومة تونس الشرعية، وتوالت اجتماعات المقيم مع عدد وافر من الموظفين العالين الفرنسيين، وأخيرا تلقى من حكومته التعليمات اللازمة يوم 22 مارس 1952، فأسرع إلى عقد اجتماع جديد شارك فيه الكاتب العام للحكومة التونسية، بونص، والجنرال جارباي.

ناپیژندل شوی مخ