فإن ظنوا أن اعطاء الإمام يحل من ذلك ما حرمه الله عليهم فقد أعظموا الذنب وأفرطوا في الجهل، فإنه قد شرع الله للإمام أن يتألف من الزكاة، ولم يخص أحدا دون أحد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعطي الرجل العطية يخرج بها يتأبطها نارا )) .
وقد كان المنافقون يلمزون رسول الله في الصدقات، فإن أعطاهم منها رضوا وإن لم تحل لهم؛ لأنهم إنما رضوا لما أعطوا لا لما أوجب الله تعالى عليهم من الطاعة لله ولرسوله، وقال فيهم: {ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون، ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون، إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} .
فبين الله في هذه الآية مصارف الصدقات بيانا شافيا على لسان رسول الله إنه قدم إعطاء المؤلفة على كثير من ذوي الإستحقاق، وإن الذين لم يعطهم خيرا من الذين أعطاهم، فقال فيما رواه[19/ب] البخاري ومسلم وغيرهما حديث: ((إني لأعطي قوما أخاف ضلعهم وجزعهم وأكل قوما إلى ما جعل الله تعالى في قلوبهم من الخير والغنا منهم عمر بن يغلب)) .
مخ ۱۷۳