ومع ذلك فإنه لم نبتل من ذلك وله الحمد إلا باليسير المذكر للغني والفقير. وأما الغني فليغنم النفقة في سبيل الله، وأما الفقير فليغتنم الصبر على اختبار الله، وليكون ذلك موقظا للإنابة إليه عز وجل، والتضرع لجلاله، والإلتجاء إليه وحده، كما قال عز وجل: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون} . مع ما ابتلى به عز وجل من عظمت عليه نعمة الله من ولاة الأمر من النظر للمسلمين في أحوالهم، وما فيه حفظ نفوسهم وأموالهم، وحراسة جوزة الإسلام -زاده الله تعالى عزا وحراسة- وتعظيم أمر الإسلام بالشعارات التي لا تنفذ دعوة الحق إلا بها، ولا كلمة الله إلا عنها وما تعدلها. ونقصد به وجه الله من موادها وما للمساكين وابن السبيل والضعفاء والأيتام والأرامل ومن له حق في أموال الله من مهاجري وأنصاري، ومن في قوته قوة الإسلام -أعزه الله تعالى وحفظ معالمه- والأخذ على أيدي العصاة، ومن تسارع إلى الظلم، كأجناد الحق، وأعوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في البر والبحر، مع ما من به اتساع نطاق الإسلام-أعزه الله- ودعوة أهل الحق أعلاها الله، وكلمة آل محمد صلى الله عليه وسلم التي هي كلمة الله، وما يتم به إن شاء الله معنى قول الله عز وجل :{ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} .
وبعد هذه الشدة الرخاء بعد الضيق بفضل الله وإحسانه وجميل عوائده الواسعة ، وقد قال عز وجل{فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اشتدي أزمة تنفرجي )) .
وقال : ((لئن أكون في شدة أنتظر الرخاء أحب إلي من أن أكون في الرخاء أنتظر الشدة ))، لكنا جميعا محتاجون إلى أن نذكر بعضنا بعضا.
أما نحن ولاة أمور المسلمين فنحسن النية إن شاء الله وقصد وجه الله فيما نأتي وفيما نذر، وما نقوله وما نفعل، وما نأمر وما ننهي، وما نعطي وما نمنع، وأن نؤدي أمانة الله لأهلها كما أمر الله تعالى.
مخ ۱۶۲