ومن مثل ذلك كثير مما حكاه القاضي شرف الدين -أيده الله- كما في سيرته، من أعظمها أن القاضي -أيده الله- ومن معه من المسلمين لم يقطعوا بين بلاد المسلمين التي فيها الأتراك وبين بلاد المشركين التي يليها صاحب الحبشة فاجتمع عليهم قوم أعتام حربا للمسلمين والمشركين فكادوا يأخذونهم وحاصروهم في هضبة من غير ماء، فأمدهم الله تعالى بغارة من المسلمين لم يكن لهم علم بقربهم منهم، وإنه خلف أولئك القوم غدرة الكفار خصوم لهم[أي الكفار] نهبوا أهاليهم وأموالهم باعوهم في بلاد المسلمين وهم ينظرون.
ومن ذلك تحكم أهل الحرمين الشريفين لأوامره والإعتزاء إليه وقبول قوله من غير شوكة تنالهم، ولا كفاية من المال تصلهم، فإنما أرزاقهم من مصر والشام والعراق وغيرهم كما ذلك معلوم.
مخ ۱۲۷