274

تحفة الاعیان لنور الدین السالمی

تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

ژانرونه

( بسم الله الرحمن الرحيم. توبة الإمام راشد بن علي ) عمل القاضي أبي علي الحسن بن احمد بن نصر الهجاري؛ أنا استغفر الله وتائب من جميع ذنوبي كلها , قليلها وكثيرها , صغيرها وكبيرها؛ ظاهرها وباطنها ما علمت منها وما لم أعلم؛ كان ذلك مني على العلم أو الجهل , أو الخطأ أو النسيان أو التدين أو الاستحلال أو التحريم؛ كنت متأولا فيه أو دائنا به , ومما ارتكبته وأمرت به مما عملته جوارحي أو تكلمت به لساني أو اعتقدته بقلبي, وتائب إلى الله تعالى من السيرة سرتها بغير العدل مخالفة للحق؛ ومن كل خطأ مني في إلزام أهل النواحي الخروج منها , ومن ترك النكير على نجاد بن موسى بعد علمي بالسيرة التي سارها مخالفة للحق والعدل؛ ومن ولايتي له على ذلك , وتوليتي إياه بعد علمي بأحداثه وفعله , ومن الجبايات التي أمرت بها وجبيت بغير حق وانفقت في غير أهلها ومستحقيها , ومن العقوبات التي عاقبت بها غير الحق وتعديت فيها غير الواجب أو أمرت بذلك من فعله ومن إخلافي لكل وعد وعدته ولم أوف به ورجعت عنه , ومن كل عهد عاهدته ثم نقضته , ومن تقصيري عن القيام بما يلزمني من الحق والعدل , ودائن لله تعالى بما لزمني في الأحداث التي أحدثت في القرى على أهل القبلة من الخراب والحرق؛ وأخذ الأموال؛ وعقر الدواب والأحداث في تخريبها؛ وما جرى من العساكر التي أخرجتها , ومن كل حرب حاربتها وسفكت الدماء فيها بأمري , وملزم نفسي بذلك وما لزمني من حق وضمان ودية وأرش وغير ذلك؛ فأنا دائن لله بالخروج منه والخلاص إلى أهله ومستحقه , وقابل قول المسلمين وراجع إلى قولهم وقابل نصيحتهم نادم على ما سلف مني في نفي احد من المسلمين , أو عقوبته بغير ما يلزمه , ومعتقد أني لا أرجع إلى ذنب أبدا , وإن علمت بذنب بعد هذه التوبة ولم أتب منه؛ فهو داخل في هذه التوبة , وهذه التوبة لازمة لي إلى الممات , ومن كل تولية وال وليته ولم يكن لي أن أوليه؛ شهد الله وكفا به شهدا؛ ومن حضر من المسلمين , وكانت هذه التوبة من الإمام راشد بن علي بحضرة القاضي أبي عبدالله محمد ابن عيسى والقاضي أبي علي الحسن بن أحمد بن نصر الهجاري والشيخ أبي بكر أحمد بن عمر بن أبي جابر وأخيه أبي جابر محمد بن عمر بن أبي جابر وعلي بن داوود وعبدالله بن إسحاق المنقالي وغيرهم من المسلمين؛ وكانت هذه الشهادة يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.

( بسم الله الرحمن الرحيم )

جواب من القاضي أبي عبدالله محمد بن عيسى رحمه الله إلى الإمام راشد بن علي فيما سأله عنه من هذه التوبة وما ورد عليه فيها , سألت عن التوبة التي دعاك الجماعة إليها وإلى الكتاب الذي كتبوه لك فيها , فأعلم أني نظرت في ذلك على قدر ضعفي وقلة بصيرتي , فرأيت الكتاب يشتمل على معان كثيرة يطول شرحها غير أني أذكر لك من ذلك ما يسر الله والله أسأله التوفيق لذلك.

أما توبتك من السيرة التي سرتها بغير العدل مخالفة للحق فإن كان ذلك قد جرى منك على الاستحلال والتصويب لنفسك فلا أرى هذه التوبة تكفيك ولا تصح لك ولا يقبلها المسلمون منك حتى تفسر ذلك تفسيرا غير هذا , وتتوب منه بعينه على التفسير , وإن كان منك ذلك على التحريم والتعمد بمخالفة الحق عند فعلك , فما كان فيها من تلف نفس أو مال فعليك الضمان والخلاص من حقوق العباد في الأموال والأنفس مع التوبة؛ وإن كان ذلك منك جهلا بحرمته وظنا منك أنه واسع لك من غير تعمد للحرام ولا قصد منك لمخالفة الحق , والاستحلال لذلك بديانة وتأويل , فقد يوجد في مثل هذا أنه يخرج مخرج التحريم , وقد تقدم القول في المحرم وما يلزمه من الضمان في الأموال والأنفس والخلاص من ذلك.

مخ ۲۸۷