وبعد: فهذه تحفة وفية بمعاني حروف العربية كتبتها لبعض خلص الأصحاب، وفقنا الله وإياه للصواب، قاصدا بها وجه الله العظيم، ونيل ثوابه العميم، وقد جعلتها[65] على بابين:
### || [الباب] الأول: في تقسيم الحروف بحسب الإعمال
والإهمال وهي قسمان:
معمل: وهو ما أثر في ما دخل عليه رفعا، أو نصبا، أو جرا، أو جزما[66].
ومهمل: وهو[67] مالم يؤثر في ما دخل عليه شيئا.
[الحروف المعملة]
فالمعمل خمسة أنواع:
جار فقط، أو ناصب فقط، أو جازم فقط، أو ناصب ورافع، أو جار
ورافع، وهو (لعل) خاصة، على لغة بني عقيل[68].
[الحروف الجارة]
فالجار: ما أوصل معنى فعل أو شبهه إلى ما دخل عليه.
وترتقي إلى سبعة وعشرين حرفا، وفي بعضها خلاف.
[من]
فمنها (من): تكون زائدة، وغير زائدة.
فغير الزائدة:
لابتداء الغاية[69]، كقوله تعالى: "من المسجد الحرام"[70]، ويصلح معها (إلى).
وللتبعيض، ويصلح موضعها (بعض)، كقوله تعالى: "ومن الناس"[71]، ونحو: زيد أفضل من عمرو[72]، وقيل في مثله: لابتداء الغاية[73].
ولبيان الجنس، ويصلح موضعها (الذي هو)، كقوله تعالى: "فاجتنبوا الرجس من الأوثان"[74]، وأنكره بعضهم[75].
وللمجاوزة، بمعنى (عن)[76]، كقوله تعالى: "أطعمهم من جوع"[77]، ونسبه بعضهم لسيبويه[78]، وبعضهم للكوفيين[79].
وزاد بعض المتأخرين للغاية، نحو: أخذت من الصندوق[80].
وللانتهاء، نحو: قربت منه، كأنك [قلت]: تقربت إليه.
وللتعليل، كقوله تعالى: "في آذانهم من الصواعق"[81].
وللفصل، كقوله تعالى: "يعلم المفسد من المصلح"[82].
ولموافقة (على)[83]، كقوله تعالى: "ونصرناه من القوم"[84].
وللبدل، كقوله تعالى: "ولجعلنا منكم"[85].
ولموافقة (في)[86]، كقوله تعالى: "ماذا خلقوا من الأرض"[87].
مخ ۱۰