وفاته عليه السلام
قلت: توفي علي بن الحسين سنة أربع وتسعين وولده محمد بن علي سنة سبع عشرة ومائة وعمر كل منهما ثلاث وستون. أفاده في مقاتل الطالبيين عن الصادق.
خرج عليه السلام من المدينة حين ورد نعي معاوية، وطلب بالبيعة ليزيد وامتنع من ذلك، يوم الأحد لليلتين بقيتا من رجب سنة ستين إلى مكة، ودخلها ليلة الجمعة لثلاث خلون من شعبان، ووردت عليه كتب أهل كتاب بعد كتاب، وهو بمكة بالبيعة في ذي الحجة من هذه السنة.
ولما وافته بيعة أهل الكوفة خرج من مكة سائرا إليها لثمان خلون من ذي الحجة، وروي أنه لما أراد الخروج إلى العراق خطب أصحابه ؛ فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هذه الدنيا قد تنكرت وأدبر معروفها فلم يبق إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا ينهى عنه ليرغب المرء في لقاء ربه فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا شقاوة.
فقام إليه زهير بن القين العجلي، فقال: قد سمعت مقالتك هديت، ولو كانت الدنيا باقية وكنا مخلدين فيها، وكان الخروج منها مواساتك ونصرتك لاخترنا الخروج منها معك على الإقامة فيها، فجزاه الحسين بن علي عليهما السلام خيرا، ثم قال:
سأمضي وما بالموت عار على الفتى .... إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما
وواسى الرجال الصالحين بنفسه .... وفارق مثبورا وجاهد مجرما
مخ ۵۳