تفسير التبيان ج1
يجوز على وجه البداء وهو أن يأمر الله عزوجل عندهم بالشئ ولا يبدوله، ثم يبدوله فيغيره، ولا يريد في وقت أمره به أن يغيره هو ويبدله وينسخه، لانه عندهم لا يعلم الشئ حتى يكون، إلا ما يقدره فيعلمه علم تقدير، وتعجرفوا فزعموا ان ما نزل بالمدينه ناسخ لما نزل بمكة) وأظن انه عنى بهذا اصحابنا الامامية، لانه ليس في الامة من يقول بالنص على الائمة عليهم السلام سواهم فان كان عناهم فجميع ما حكاه عنهم باطل وكذب عليهم، لانهم لا يجيزون النسخ على أحد من الائمة (ع) ولا احد منهم يقول بحدوث العلم وانما يحكى عن بعض من تقدم من شيوخ المعتزلة - كالنظام والجاحظ وغيرهما - وذلك باطل وكذلك لا يقولون: ان المتأخر ينسخ المتقدم إلا بالشرط الذي يقوله جميع من اجاز النسخ، وهو ان يكون بينهما تضاد وتناف لايمكن الجمع بينهما، واما على خلاف ذلك فلا يقوله محصل منهم.
والوجه في تكرير القصة بعد القصة في القرآن، أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة فلو لم تكن الانباء والقصص مكررة، لوقعت قصة موسى إلى قوم وقصة عيسى إلى قوم، وقصة نوح إلى قوم آخرين، فاراد الله بلطفه ورحمته أن يشهر هذه القصص في أطراف الارض ويلقيها في كل سمع، ويثبتها في كل قلب، ويزيد الحاضرين في الافهام وتكرار الكلام من جنس واحد، وبعضه يجري على بعض، كتكراره في: قل يا ايها الكافرون، وسورة المرسلات، والرحمن فالوجه فيه، ان القرآن نزل بلسان القوم، ومذهبهم في التكرار - ارادة للتوكيد وزيادة في الافهام - معروف كما ان من مذهبهم الايجاز والاختصار ارادة للتخفيف وذلك أن افتنان المتكلم والخطيب في الفنون، وخروجه من شئ إلى شئ، أحسن من اقتصاره من المقام على فن واحد.
وقد يقول القائل: والله لافعله ثم والله لافعله، اذا أراد التوكيد كما يقول: افعله بحذف اللام اذا أراد الايجاز قال الله تعالى: " كلا سوف تعلمون تفسير التبيان ج1
مخ ۱۴