يستلزم خلو الآية عن جزاء الكفار وعاقبة أمرهم ويستلزم تفسيرها بأمر محسوس فيكون قد ترك الأخبار عن المقصود الأهم وأخبر عن امر يعرف بالحس والمشاهدة وفي ذلك هضم لمعنى الآية وتقصير بها عن المعنى اللائق بها السابع أنه سبحانه ذكر حال الإنسان في مبدأه ومعاده فمبدؤه خلقه في أحسن تقويم ومعاده رده إلى أسفل سافلين أو إلى أجر غير ممنون وهذا موافق لطريقة القرآن وعادته في ذكر مبدأ العبد ومعاده فما لأرذل العمر وهذا المعنى المطلوب المقصود إثباته والاستدلال عليه الثامن أن أرباب القول الأول مضطرون إلى مخالفة الحس وإخراج الكلام عن ظاهره والتكلف البعيد له فإنهم إن قالوا إن الذي يرد إلى أرذل العمر هم الكفار دون المؤمنين كابروا الحس وإن قالوا إن من النوعين من يرد إلى أرذل العمر احتاجوا إلى التكلف لصحة الاستثناء فمنهم من قدر ذلك بأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا تبطل اعمالهم إذا ردوا إلى أرذل العمر بل تجري عليهم أعمالهم التي كانوا يعملونها في الصحة فهذا وإن كان حقًا فإن الاستثناء إنما وقع من الرد لا من الأجر والعمل ولما علم أرباب هذا القول ما فيه من التكلف خص بعضهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات بقراءة القرآن خاصة فقالوا من قرأ القرآن لا يرد إلى أرذل العمر وهذا ضعيف من وجهين أحدهما أن الاستثناء عام في المؤمنين قارئهم وأميهم وأنه لا دليل على
1 / 47