عدم تمثل الشيطان في صورة النبي ﷺ
في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﵌ قال: (من رآني في المنام فقد رآني حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل بي، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار)، وكلمة (حقًا) أي: رأى صورتي فقط، لا يتصور أنه رآه بشحمه ولحمه، فهذا لم يقل به أحد، وإلا لو كان بشحمه ولحمه لما رآه في الكرة الأرضية في الليلة إلا واحد، مع أنه ربما رآه عشرة أو عشرون أو ثلاثون أو أربعون في ليلة واحدة، فكيف يحضر بشحمه ولحمه؟ هل يمزق نفسه؟ وإنما هو الشبه فقط.
والذين يقولون: رآه بصورته الحقيقية يلزم من ذلك أن يخرج من قبره، وأن يخلو القبر منه، ولم يقل بهذا أحد، إنما يرى صورته.
وفي واقعة بإسناد حسن أن رجلًا من التابعين لم ير النبي ﵊ قال لـ ابن عباس: (إني رأيت النبي ﷺ في المنام ولو شئت وصفته لك، قال: صفه لي؟ فجل الرجل يقول: وجهه كذا، وشعره كذا، وطوله كذا، وعرضه كذا.
قال ابن عباس: (لو كان حيًا ورأيته ما وصفته بأبلغ من ذلك) لو كان حيًا وهو أمامك وتصفه وأنت تراه لم تقل شيئًا أكثر مما قلت.
فمن رأى النبي ﵊ في المنام فهذه رؤيا حق، (ومن كذب عليَّ) أي من قال: رأيت النبي ولم يره (فليتبوأ مقعده من النار) لأن النبي ﵊ يقول: (إن كذبًا عليَّ ليس ككذبًا على أحدكم) لأنه رسول وكلنا جميعًا نتلقى الدين منه، فلو جاز الكذب عليه لجاز لكل العالم أن يعمل بالكذب.
ومسألة أن الشيطان لا يتمثل بصورة النبي هذه مخصوصة بالنبي ﷺ، ولم يرد في حديث أن الشيطان لا يتمثل بصورة الخضر، إنما هذه مخصوصة بنبينا ﷺ، فكون الشيطان يتمثل بصورة الخضر هذا محل بحث.
3 / 13