The Story of Life
قصة الحياة
ژانرونه
فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ قَاصِدَةً إِلَيْهِ خَافَهَا، فَاقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ، وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ، فَفَعَلَ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ، فَرَآهَا بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سَوْءٍ - يَعْنِي مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ - ثُمَّ رَدَّهَا فَعَادَتْ إِلَى لَوْنِهَا الأَوَّلِ، فَاسْتَشَارَ فِرْعَوْنُ الْمَلأَ حَوْلَهُ فِيمَا رَأَى، فَقَالُوا لَهُ: ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى﴾ يَعْنِي مُلْكَهُمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ، وَالْعَيْشَ، فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ شَيْئًا مِمَّا طَلَبَ، وَقَالُوا لَهُ: اجْمَعْ لَنَا السَّحَرَةَ، فَإِنَّهُمْ بِأَرْضِكَ كَثِيرٌ، حَتَّى يَغْلِبَ سِحْرُهُمْ سِحْرَهُمَا، فَأَرْسَلَ فِي الْمَدِينَةِ فَحُشِرَ لَهُ كُلُّ سَاحِرٍ مُتَعَالِمٍ، فَلَمَّا أَتَوْا فِرْعَوْنَ قَالُوا: بِمَ يَعْمَلُ هَذَا السَّاحِرُ؟، قَالُوا: يَعْمَلُ بِالْحَيَّاتِ، قَالُوا: فَلا وَاللهِ مَا أَحَدٌ فِي الأَرْضِ يَعْمَلُ السَّحَرَ بِالْحَيَّاتِ وَالْعِصِيِّ الَّذِي نَعْمَلُ، فَمَا أَجْرُنَا إِنْ نَحْنُ غَلَبْنَا؟، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ أَقَارِبِي وَخَاصَّتِي، فَأَنَا صَانِعٌ إِلَيْكُمْ كُلَّ مَا أَحْبَبْتُمْ، فَتَوَاعَدُوا يَوْمَ الزِّينَةِ (^١)، وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى فَلَمَّا اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ، قَالَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا فَلْنَحْضُرْ هَذَا الأَمْرَ ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ يَعْنُونَ مُوسَى وَهَارُونَ، اسْتِهْزَاءً بِهِمَا، فَقَالُوا: يَا مُوسَى ﴿إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ ﴿قَالَ بَلْ أَلْقُوا﴾ ﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ، وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾. ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ ﴿فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) (^٢)، (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى﴾ أَيْ؛ خَافَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَفْتَتِنُوا بِسِحْرِهِمْ وَمِحَالِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَ مَا فِي يَدِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَضَعُ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ: ﴿لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى، وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ وَقَالَ: ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ، وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾، فَلَمَّا أَلْقَاهَا صَارَتْ حَيَّةً عَظِيمَةً ذَاتَ قَوَائِمَ - فِيمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ - وَعُنُقٍ عَظِيمٍ، وَشَكْلٍ هَائِلٍ مُزْعِجٍ، بِحَيْثُ إِنَّ النَّاسَ انْحَازُوا مِنْهَا، وَهَرَبُوا سِرَاعًا، وَتَأَخَّرُوا عَنْ مَكَانِهَا وَأَقْبَلَتْ هِيَ عَلَى مَا أَلْقَوْهُ مِنَ الْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ، فَجَعَلَتْ تَلَقَّفَهُ وَاحِدًا وَاحِدًا، فِي أَسْرَعِ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَرَكَةِ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا.
(^١) يوم العيد. وعن ابن عباس أنه: يَوْمُ عَاشُورَاءَ. (^٢) قيل: أن السحرة َكَانُوا قَدْ عَمَدُوا إِلَى حِبَالٍ وَعِصِيٍّ فَأَوْدَعُوهَا الزِّئْبَقَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْآلَاتِ الَّتِي تَضْطَرِبُ بِسَبَبِهَا تِلْكَ الْحِبَالُ وَالْعِصِيُّ اضْطِرَابًا يُخَيَّلُ لِلرَّائِي أَنَّهَا تَسْعَى بِاخْتِيَارِهَا، وَإِنَّمَا تَتَحَرَّكُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ، وَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: ﴿بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾.
1 / 84