وجود إبليس وذنوب البشر لحكمة
ولَو أَرَادَ اللهُ أَنْ لَا يُعْصَى؛ مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ، ولَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ. نُسِّيَ آدَمُ فَنُسِّيَتْ ذُرِّيَّتُهُ (^١)، وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ. وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا الدَّهْرَ (^٢)، وكُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ.
وآدمُ لما عصى ندم وتاب وطلب المغفرة والرحمة، وإبليس لما عصى طلب أن يُمَدَّ في عمره إلى يوم القيامة، فأعطى الله كلًا منهما ما طلب.
وإِنَّ مُوسَى ﵇ قَالَ: يَا رَبِّ، أَرِنَا آدَمَ الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنْ الْجَنَّةِ، فَأَرَاهُ اللهُ آدَمَ، فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ؟، أَنْتَ أَبُونَا آدَمُ؟، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: نَعَمْ، قَالَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَأَسْكَنَكَ فِي جَنَّتِهِ؟، أَنْتَ الَّذِي أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ، بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ خَيَّبْتَنَا، وَأَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنْ الْجَنَّةِ؟، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: وَمَنْ أَنْتَ؟، قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: أَنْتَ نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَأَعْطَاكَ اللهُ الْأَلْوَاحَ فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ؟، وَكَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَبِكَمْ وَجَدْتَ اللهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي؟، قَالَ: بِأَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ آدَمُ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى؟﴾ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَهُ اللهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟؟، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى. (^٣)