العودة لمكة وبيعتا العقبة
ورجع الرَّسُولُ ﷺ وصَارَ إلَى حِرَاءٍ، ثمَّ َدَخَلَ مَكَّةَ فِي جِوَارِ المُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ بعدما رفض الأخنس بن شريق وسهيل بن عمرو إجارته.
وكان ﵊ يعرض نفسه عَلَى القبائل، فلقي في الموسم رهطًا من الخزرج ستة عند العقبة التي بمنى وهي التي تنسب إليها جمرة العقبة. فقال: "ألا تجلسون أكلمكم؟ ". فعرض عليهم الإسلام، وكانت يهود أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل شرك وأوثان، وكانوا قَدْ غزوهم في بلادهم، فكانوا إِذَا كان بينهم شيء قالوا لهم: إن نبيًّا يبعث الآن قَدْ أطل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم. فلما كلم رسول الله ﷺ أولئك النفر قَالَ بعضهم لبعض: تعلموا والله إنه لَلنبي الذي توعدكم به يهود، فلا يسبِقنَكم إليه. فأجابوه وصدقوه. فلما كان العام المقبل قدم مكة من الأنصار اثنا عشر رجلًا منهم خمسة من الستة السابقين، فبايعوه في ليلة العقبة الأولى عام (٢ ق هـ). وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ اثني عشر رجلًا مِنْ أَصْحَابِهِ: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ".
وفي شوال من نفس العام تزوج رسول الله ﷺ عائشة الصديقة ﵂ وهي بنت ست سنين. (^١)
وكانت بيعة العقبة الثانية في الموسم التالي سنة (١ ق هـ). قال البراء بن عازب ﵁: أول من قدم علينا (^٢) من أصحاب النبي ﷺ مصعب بن عمير وابن أم مكتوم ﵄ فجعلا يقرئان الناس القرآن، ثم قدم علينا بلال وسعد وعمار بن ياسر ﵃، ثم قدم عمر بن الخطاب ﵁ في عشرين من أصحاب النبي ﷺ.
(^١) أي عقد نكاحه عليها، لكنه ﵊ بنى بها بالمدينة في شوال في السنة الأولى من الهجرة وهي بنت تسع سنين، وكانت أحظى أزواجه عنده وأحبهم إليه، ولم يتزوج بكرًا غيرها. (^٢) يعني إلى المدينة.
1 / 224