The Prophetic Biography and the Call in the Civil Era
السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني
خپرندوی
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤٢٤هـ
د چاپ کال
٢٠٠٤م
ژانرونه
وأما تسميتها في القرآن بيثرب، فهو حكاية قول المنافقين في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا﴾ ١.
وحكاية قول المنافقين تثبت الكراهة، ولا تفيد الإباحة لأنهم ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾ ٢ فقول المنافق سوء كصاحبه.
وأما قوله ﷺ وهو يشير إلى أصحابه عن دار هجرتهم بعد ما رآها منامًا حين قال لهم: "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى اليمامة أو هجر فإذا هي يثرب المدينة" ٣، وقال لهم: "لا أراها إلا يثرب" ٤، فليس دليلا على عدم الكراهة؛ لأن النبي ﷺ قال ذلك تعريفًا بها لأصحابه وهم في مكة ولأنهم لم يعهدوا لها قبل الإسلام اسمًا غير "يثرب"، ولم يكن نزل نهي عن هذه التسمية بعد، فلما نزل النهي بينه النبي ﷺ لأصحابه ليتركوه فتركوه.
وكان النبي ﷺ يحب المدينة، ويحب أهلها، فعن أنس بن مالك ﵁: أن رسول الله ﷺ كان إذا قدم من سفر ينظر إلى جدر المدينة المنورة، ويطرح رداءه ويقول: "هذه أرواح طيبة" ٥ ويحث راحلته على سرعة السير نحوها حبًا وسرورًا بالمدينة، وأهلها، وكثيرًا ما كان ينادي ربه: "اللهم اجعل لنا بالمدينة قرارًا، ورزقًا حسنًا" ٦ ومن دعائه ﷺ للمدينة ما رواه أنس ﵁: أن رسول الله ﷺ كان يدعو ويقول: "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة" ٧.
وعن عبد الله بن زيد ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا
_________
١ سورة الأحزاب: ١٣.
٢ سورة المنافقون: ٤.
٣ صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار باب هجرة النبي ﷺ ج٦ ص٢٠٣، والوهل: الظن.
٤ سبل الهدى والرشاد ج٣ ص٤٣٤.
٥ صحيح البخاري كتاب الحج ج٣ ص٢٨٣.
٦ سبيل الهدى والرشاد ج٣ ص٤٣٠.
٧ صحيح البخاري كتاب الحج ج٣ ص٢٨٢.
1 / 21