كيفية اطلاع النار على الأفئدة:
ومما هو متعلق بما سبق وموصول به قول الله جل ذكره: ﴿نَارُ اللهِ المُوقَدَةُ التِي تَطَّلِعُ عَلى الأَفْئِدَةِ﴾ (٦، ٧: الهمزة) .
وحول (اطلاع النار على الأفئدة) كانت تأويلات المفسرين كما يلي:
١- الاطلاع بمعنى البلوغ، قال الطبري١: "أي التي يطلع ألمها ووهجها القلوب، والاطلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى، حكى عن العرب سماعا: (متى طلعت أرضنا) و(طلعت أرضي) أي بلغتها" ا؟. ومن هذا المعنى ما ذكره القرطبي٢: "عن خالد بن أبي عمران عن النبي ﷺ: "إن النار تأكل أهلها، حتى إذا طلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إذا صدروا تعود، فذلك قوله تعالى": ﴿نَارُ اللهِ المُوقَدَةُ التِي تَطَّلِعُ عَلى الأَفْئِدَةِ﴾ . وخص الأفئدة لأن الألم إذا صدر إلى الفؤاد مات صاحبه، أي أنهم في حال من يموت وهم لا يموتون، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى﴾ (١٣: الأعلى) فهم إذا أحياء في معنى الأموات" ا؟.
٢- ومما يقرب من سابقه تفسير الاطلاع بما قاله الألوسي٣: "أي تعلو أوساط القلوب وتغشاها، وتخصيصها بالذكر، لما أن الفؤاد ألطف ما في الجسد وأشده تألما بأدنى أذى يمسه، فهو أنسب بما تقدم من جميع أجزاء الجسد".
٣- أن المقصود بالاطلاع: العلم، قال الزمخشري٤: "ومعنى اطلاع النار عليها أنها تعلوها وتغلبها وتشتمل عليها أو تطالع على سبيل المجاز معادن موجبها" ا؟.
وقد بسط هذا الرأي الأخير للزمخشري الألوسي٥ حين قال: "..أو أن يراد الاطلاع العلمي - والكلام على سبيل المجاز - وذلك أنه لما كان لكل من المعذبين، عذاب من النار على قدر ذنبه المتولد من صفات قلبه، قيل إنها تطالع الأفئدة التي هي معادن الذنوب، فتعلم ما فيها فتجازى كلا بحسب ما فيه من الصفة المقتضية للعذاب".