The Biography of the Prophet - Ragheb Al-Sergani
السيرة النبوية - راغب السرجاني
ژانرونه
التغييرات على أسلوب الدعوة في العام الحادي عشر من البعثة
كان الرسول ﷺ يدعو الناس في خلال الأعوام العشرة السابقة إلى الإسلام فقط، (قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا)، لكن الإسلام لوحده لم يكن كافيًا، فدعا الرسول ﷺ مع الإسلام إلى طلب النصرة، والدفاع عنه وعن المؤمنين ومواجهة قريش.
وكانت هذه المطالب خطيرة في مكة، لأن قريشًا لو علمت بذلك ستقيم الدنيا ولن تقعدها، فـ أبو لهب لم يترك الرسول ﷺ، وكان يطارده في كل مكان.
وكانت هناك مشكلة أخرى وهي أن الرسول ﷺ لم يكن يعرف تاريخ كل قبيلة في الجزيرة، ومدى قوتها، وأسماء القادة فيها، لاحتمال أن يتفق مع أحدهم ثم لا تتحمل قبيلته المسئولية، وهذه اتفاقيات في منتهى الخطورة، ولتفادي هذا؛ فإن الرسول ﷺ غير شيئين مهمين، الأول: جعل دعوته للقبائل سرية، فالرسول ﷺ من السنة الرابعة من البعثة وهو يكلم الناس علنًا، كان يتكلم أمام أبي لهب وأبي جهل وكل المشركين، لكن الأمر اختلف، وكان هناك مرونة في الدعوة، إذا كانت العلنية لن تؤدي المهمة فلتكن سرية، ليس هناك عنترية ولا انتحار، بل هناك تخطيط وإعداد وفكر سياسي راق، فبدأ الرسول ﷺ الدعوة بالليل فقط، يخرج بالليل من غير أن يراه أحد، وفي كل يوم يختار للدعوة قبائل معينة، ويذهب إلى مخيماتهم خارج مكة في السر، لكي لا يراه أحد، وبذلك سيضرب عصفورين بحجر؛ لأنه سيوصل لهم الدعوة من غير تشويش من أبي لهب أو قريش، ولأن قريشًا لن تعرف ما هي القبيلة التي وافقت على حماية الرسول ﷺ.
إذًا: كان أول تغيير في سياسة الرسول ﷺ في تلك السنة أن جعل دعوته للوفود الحاجة سرية.
الثاني: أنه اصطحب معه أبا بكر الصديق ﵁ وأرضاه، لأنه كان خبيرًا بالأنساب، يستطيع أن يعرف القبيلة القوية العزيزة من القبيلة الضعيفة، ويستطيع أن يعرف زعماء القبائل وتاريخهم، لو كانت القبيلة قوية فالرسول ﷺ يعرض عليهم الإسلام، ويطلب منهم النصرة، ولو كانت القبيلة ضعيفة أو زعيمها ليس بيده القرار عرض عليهم الإسلام، لكن لم يطلب منهم النصرة.
تخطيط مهول، فبناء الأمم ليس شيئًا سهلًا، تخطيط سياسي على أعلى مستوى.
12 / 3