نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ (١) إلى آخر السورة (٢).
ولم يكن أهل مكة يعترفون بعقيدة النبوة نفسها -إلا الحنفاء الموحدين، وهم قلة قليلة-، لذلك كانت مواجهتهم لنبوة محمد ﷺ ساخرة مليئة بالريبة كما في الآية ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾ (٣).
وقد تجادل ثلاثة من المشركين بينهم عند البيت الحرام حول إحدى صفات الله وهي السمع، فمنهم من أثبتها ومنهم من أنكرها فنزلت الآية ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ (٤). أي أنهم ما كانوا يخفون عن حواسهم وأعضائهم المعاصي التي يرتكبونها لاعتقادهم أن الله لا يعلم جميع ما يفعلون.
ولما نزلت الآية ﴿ألم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ (٥). وقعت مجادلة بين أبي بكر والمشركين حول الحرب بين الروم والفرس، وكان المسلمون يحبون أن ينتصر الروم لأنهم نصارى، وكان عاطفة المشركين مع الفرس لأنهم مجوس وأهل أوثان، فراهن أبو بكر على انتصار الروم خلال خمس سنوات برهان، وذلك قبل تحريم الرهان في الإسلام (٦). ويؤيد