د اسلام انقلاب او انبياوو قهرمان: ابوالقاسم محمد بن عبدالله
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
ژانرونه
جملة ثم وصفته تفصيلا، فأما الصورة الأولى فقد أجملتها في قولها: رأيت رجلا أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة، وسيما قسيما، وأما الصورة الثانية فقد فصلت فيها دقائق جسمه ونظام منطقه ومكانه من صاحبيه، وهذه الطريقة في الوصف تنطبق على طبيعة المرأة.
ووصف أنس بن مالك من رسول الله لونه، وبعض وجهه، وامتلاء كفيه وقدميه، ومشيته، وشعر رأسه، وطول قامته، وريح جسمه، ولم يتخذ له نظاما خاصا؛ فهو يصف وجهه، ثم يعود فيصف شعر رأسه، ثم ينثني إلى طوله؛ فأم معبد أشمل منه وصفا وأحسن نظاما، ثم انظر إلى ما وصفت به قامة النبي
صلى الله عليه وسلم
ترها تقول: ربعة لا تشنؤه من طول ولا تقتحمه العين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدا. ويقول أنس: ليس بالطويل البائن، ولا القصير المتطامن. فهي أبلغ وأوفى بما فصلت من الوصف، وما وصفت من عيوب الطول والقصر، وما مثلت به النبي بين صاحبيه وقد انفردت عن صاحبها بوصف منطق النبي وصفا ساحرا أخاذا حين قالت: «حلو المنطق، فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم تتحدرن.» على أن أسلوبها كله يكاد يكون قصيدة مختارة بما حوت من حسن نسق وصفاء ديباجة وحلاوة إيقاع.
كان محمد من أفصح أهل الأرض في كل عصر وبقعة، وكان بلا ريب أفصح العرب في كل زمان ومكان، ووصفه معاصروه بأنه كان عذب الكلام سريع الأداء حلو المنطق يأخذ حديثه بالقلوب، وقد شهد بذلك أعداؤه قبل أحبابه، وإذا أردنا أن نتخيله متكلما لرأينا وسمعنا رجلا ينطق بكلام مفصل مبين يستطيع السامع أن يعد كلماته؛ لأنه ليس مسرعا ولا متقطعا تتخلله فترات السكوت. قالت عائشة لبعض محدثيها بعد وفاته تصف حديثه: «ما كان رسول الله يسرد سردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام يبينه ويفصله فيحفظه من يسمعه.» وكان كثيرا ما يعيد الكلام ثلاثا لينقل عنه، ولم يكن محمد
صلى الله عليه وسلم
يخفي عاطفته أو انفعاله، فإذا كره شيئا ظهر في وجهه، وكان يعجب ويضحك مما يضحك ويتعجب من مثله ويستغرب وقوعه أو يستندر، وكانت طبيعته الهادئة لا تسمح له بالصخب ولا القهقهة، بل كان معظم ضحكه ابتسامة تظهر نواجذه وكان بفطرته حزينا؛ لأن الأنبياء أكثر الخلق هموما وأعظم شعورا بصنوف البلاء التي تنتاب الإنسانية، وليس من دأب المتصلين بالعوالم العلوية أن يستخفوا بالحياة فيفرحوا لها وما زالت «الميلانكولي» من خصائص النفوس المتميزة وحتى بعض الحكماء ممن لم يكونوا أنبياء أذاقتهم الطبيعة لباس الحزن والشعور بتفاهة السرور والإشفاق على الناس من الاندفاع في الفرح؛ فيؤثر عن أحدهم أنه قال: «اضحكوا لأبكي عنكم.» أي إنه لحكمته يكفل نصيبهم في الحزن، كأن الأحزان فرض كفيل يعفى منه المجموع إذا قام البعض بعبئه، ولا يقوم به إلا الأعقل والأحكم والأصبر، وترى روح الحزن والجد والوقار سارية في حياة النبي
صلى الله عليه وسلم
لأنه لم يكن يرى حياة الدنيا مهزلة ولا فرصة لانتهاب اللذات ولا مسرحا للأفراح، بل كان يراها حياة جهد وكسب يؤدي الإنسان عنها حسابا دقيقا وعسيرا، وكل من يدنو من الحقيقة في إدراك الحياة يقل فرحه بها؛ إذ يتفهم بالتدريج أنها دار امتحان واختبار، وهذا يفسر لنا ما ورد في القرآن الكريم من أن الله لا يحب الفرحين، ولا يقصد به أن كل فرح مبغوض، وإنما يراد بهم الطائشون والمستهترون والذين يلهون بأنفسهم عن سواهم ويفرحون بما يصيبهم من مسرات هذه الدنيا دون أن يشاركوا أبناء جنسهم نصيبهم من الشر والبلاء.
على أنني لا أحيد عن رأيي في أن حياة النبي
ناپیژندل شوی مخ