وجعلنا ذريته هم الباقين
[الصافات: 77] وأيضا قالوا عنق أمة وليس كذلك على ثبوته، بلى عوج بن عوق وعوق أبوه كما فى القاموس وأى جبل هو فرسخ فى فرسخ { وقال الله إنى معكم } بالنصر وبعلم أحوالكم وجزائكم بأعمالكم { لئن أقمتم الصلاة } خمسين صلاة فيما قيل. { وآتيتم الزكاة } ربع المال { وآمنتم برسلى } إيمانا يستلحق العمل والتقوى، وكانوا يكفرون ببعض الرسل مع أنهم منهم { وعزرتموهم } نصرتموهم بالسيف واللسان؛ أو عظمتموهم، والتعزيز المنع والتقوية وهى منع لمن قويته عن غير، وهو فى الفقه ما دون الحد لأنه مانع عن ارتكاب القبيح، وقيل التعزير النصر مع التعظيم وقيل التعظيم، وأخر الإيمان لتكذيبهم بعض الرسل مع اعترافهم بالصلاة والزكاة ولمراعاة المقارنة لقوله وعزرتموهم، وقيل قدمهما لأنهما الظاهر من أحوالهم مع تقدم مطلق إيمانهم فذكرها كالزجر عن النفاق، وقيل آمنتم برسلى كناية عن نصرة دين الله تعالى ورسله والإنفاق عليه { وأقرضتم الله قرضا } إقراضا مفعول مطلق أو مالا مفعول به على تضمين أقرض معنى أنفق، وذلك نفل { حسنا } بأن يكون بلا من ولا أذى من حلال غير ودى ويكون مخلصا لله تنفقونه فى الجهاد وفى وجوه الخير، وذلك استعارة لأنه تعالى وعد بالجزاء عليه كما يرد مثل ما أقرض. { لأكفرن عنكم سيئاتكم } ذنوبكم صغائر وكبائر { ولأدخلنكم جنات تجرى من تحتها الانهار } فضلا منه وثوابا { فمن كفر } أى اتصف بكفر حادث أو سابق مصر عليه فإن البقاء عليه بعد ورود منه كالحادث بعد الورود فى القبح وملتحق به { بعد ذلك منكم } من كفر بترك الصلاة والزكاة والإيمان والتعزير والإقراض بعد ذلك المذكور من الأمر بها أو من كفر بعد ما شرطت هذا الشرط، ووعدت هذا الوعد وأنعمت هذا الإنعام كفر ردة أو كفر بقاء ولا خفاء أن الضلال بعد هذا أقبح ولم يقل وإن كفرتم كما قال لئن أقمتم لإخراج كفر الكل عن حيز الاحتمال وإسقاط من كفر عن رتبة الخطاب الموجود فى قولنا إن كفرتم { فقد ضل } ضلالا لا شبهة فيه { سواء السبيل } السبيل السواء أى الأوسط أى الأعدل، وكذلك ضل سواء السبيل من كفر بعد ذلك إلا أنه قد تكون له شبهة فإن الكفر يزداد عظم قبحه إذا كان بعد ذلك.
[5.13]
{ فبما نقضهم } ما صلة للتأكيد أو نكرة تامة للتعظيم فبنقضهم بدلها والباء متعلق بلعن { ميثاقهم } عهدهم لله أن لا يخالفوه وذلك أنهم كذبوا الرسل بعد موسى وقتلوا الأنبياء وغيروا التوراة وضيعوا الفرائض وكتموا صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. { لعناهم } أبعدناهم عنا عقابا بإدخال النار والمسخ قردة وخنازير وضرب الجزية، فاللعن بمعنى التحقير المطلق فشمل ذلك، أو من عموم المجاز فإنه حقيقة فى الإبعاد والإبعاد ظاهر فى المسخ وقد فسره الحسن ومقاتل به، وابن عباس بالجزية وعطاء بمطلق الإبعاد عن الرحمة { وجعلنا } به أى بالنقض وحذف للعلم به لا على التنازع لتقدم المعمول { قلوبهم قاسية } ممتنعة عن الإيمان كما لا يتأثر نحو الحجر بالغمز، وفى ذلك تلويح إلى تشبيهها بما ليس فيه لين الذهب والفضة كالنحاس يقال درهم قسى أى زيف فضته صلبة رديئة ليست لينة والمغشوش فيه يبس وصلابة، وفسر الجعل بترك التوفيق وليست موفقه ثم سلب توفيقها، بل كقولك أفسدت سيفك إذا لم يحدث له فساد ولكن ترك معاهدته بالصقل، وكقولك جعلت أظفارك سلاحك إذا لم يقصها { يحرفون الكلم عن مواضعه } هذا بعض ما تضمنه قسوة القلب بل هو أشده فإن محرف كلام الله مشرك كاثم ماح لدين الله ألبته كاذب عن الله عز وجل، والكلام بعض التوراة غيروا ما فيها من صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرها بالمحو تارة وبتبديلها بضدها أخرى، وبتفسير بغير معناها، والمواضع معانيها ومحالها من التوراة التى وضعها الله عليها، والمضارع لحكاية الحال أو للتجدد فإنهم يحرفون أيضا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل { ولا تزال تطلع } الخ { ونسوا } تركوا وحقيقته فى الزوال عن الحافظة، وذلك مبالغة لأن الذهاب عن الحافظة أشد إهمالا مما حضر فيها وأعرض عنه. { حظا } نصيبا عظيما مما أمروا به فيها وهو صفاته على الله عليه وسلم والإيمان به وغير ذلك { مما ذكروا به } أمروا به أمرا يزيل الإعراض والكسل لمن وفق، ويجوز إبقاء النسيان على حقيقته فإنهم لما حرفوا التوراة زال منها عن حفظهم أشياء منها لا يعرفونها مع أنها فيها، ولزوال أسفار منها وفنائها بشؤم التحريف. قال ابن مسعود رضى الله عنه: قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلا هذه الآية. وقال الشافعى:
شكوت إلى وكيع سوء حفظى
فأرشدنى إلى ترك المعاصى
وقال اعلم بأن العلم نور
ونور الله لا يعطى لعاصى
{ ولا تزال } يا محمد { تطلع } تظهر { على خائنة منهم } على خيانة، من المصادر التى على وزن فاعلة كما هو وجه فى لاغية وعاقبة وعافية، أو على طائفة خائنة اسم فاعل والتاء للتأنيث، أو على إنسان خائنة أى كثير الخيانة أو عظيمها فهو اسم فاعل والتاء للمبالغة كما يقال فلان راوية أى كثير الرواية، أو فعله خائنة أى ذات خيانة أو نفس خائنة، ومن خيانتهم نقض الميثاق ومظاهرتهم قريشا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب جهرا ويوم أحد سرا { إلا قليلا } كعبد الله بن سلام { منهم } استثناء من الهاء فى منهم أى إلا قليلا لا نجد منهم خيانة وهذا واضح، أو إلا قليلا لا نجد منهم طائفة خائنة، فإن صح هذا فقبيلة عبد الله بن سلام لا طائفة فيهم خائنة ولو بقوا على الكفر، وأما على تفسير خائنة بإنسان كثير الخيانة أو ما بعده فالاستثناء منقطع، أو من هاء قلوبهم أو واو يحرفون.
{ فاعف عنهم } لا تعاقبهم { واصفح } لا تعاتبهم فقد بلغت إليهم وأمرتهم ونهيتهم، وذلك إن تابوا وعاهدوا بالجزية وإلا فلا تعف ولا تصفح بل اقتلهم واذممهم، أو اعف واصفح فى حق نفسك واقتلهم وذمهم لحق الله فهو صلى الله عليه وسلم لا يأخذ حقه لنفسه ألا ترى أنه عفا عمن سفه عليه، وفيها أبحاث ضمنتها شرح نونية المديح، ويقال: لهذا نهى عن قتالهم ونسخ بآية السيف
ناپیژندل شوی مخ