290

تيسير التفسير

تيسير التفسير

ژانرونه

ولقد صدق عليهم إبليس ظنه

[سبأ: 20]، وإنما ظن لما قال من آدم عليه السلام، ولما من بنيه من دواعى المعصية كالنفس والطبيعة.

[4.119]

{ ولأضلنهم } عن الحق إلى الباطل بالوسوسة والتزيين، كما قال صلى الله عليه وسلم:

" خلق إبليس مزينا، وليس له من الضلال شىء "

، بمعنى أنه لا يخلق لهم الضلال، إذ لو كان له شىء من الضلال سوى الدعاء إليه لأضل جميع الخلق، ومعنى قول أبى نصراء، أقل من ينجو من الإنس والجن أنه لا ينجو أحد، فذلك من القلة بمعنى النفى { ولأمنينهم } أصبرهم متمنين المال والأهواء الباطلة الداعية إلى المعصية والشهوات وطول العمر، وأن لا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار، ونيل الحظ الوافر من فضل الله فى الآخرة إن كان البعث حقا { ولآمرنهم } بالتتبيك، أى بالمبالغة فى بنك آذان الأنعام، أى قطعها، أو بكل معصية على العموم، كما يدل له حذف المعمول { فليبتكن ءاذان الأنعام } يقطعون أذانها من أصلها، أو يشقونها حجزا عن استعمالها وأكلها، وحصرا لها على الأصنام، وعن أن تمنع من ماء أو مرعى، وذلك فى ناقة ولدت خمسة أبطن آخرها ذكر، وقيل سبعة، وخصوها باسم البحيرة، وفى ناقة يقول صاحبها إن شفيت أو إن قدم غائبى، أو إن وصلت إلى وطنى، أو إن ولد لى ذكر أو نحو ذلك فهى سائبه، وقد يسبها من كثر ماله شكرا لله عز وجل، وإن ماتت السائبة أكلها الرجال والنساء، وفى شاة ولدت سبعة أبطن آخرها ذكر وأنثى، وتسمى وصيلة وصلت أخاها عن الذبح، إذ لو كان وحده لذبح لأصنامهم وأكله الرجال خاصة أو كان أنثى فكسائر الغنم، وفى جمل ولد ولد ولده، وقيل ركب ولد ولده، وإن مات أكله الرجال والنساء، وكل هؤلاء يشأق ذنه علامة { ولآمرنهم } بتغيير خلق الله { فليغيرن خلق الله } بغير الختان كنتف اللحية، ونتف الشارب، وقص اللحية وحلقها، ومنها ما تحت اللحيين، ويجوز حلق ما فى العنق إلى أن يصل باطن اللحيين، فكيف والخطاب بالسواد لغير الجهاد، واللواط وسحاق النساء، لأنهما تغيير للجماع والحرث، والجماع باليد أو غيرها كذلك وتخنث الرجال، وترجل النساء، والوشم، وخصاء العبد، والحيوان، ونتف شعر الحاجبين ليرق، أو نتف شعر ما فوق الجبهة، ووصل الشعر، ونتف الرجل شعر عانته، فإن السنة الحلق أو النورة، ويجوز قصة وترقيق الأسنان، أو جعل الخلل بينهما فإنه حرام، وتحمير الوجه ونقطه، والناصية، والدلال، ورخص فى التحمير والنقط، والوصل، تزيينا لزوجها لاغشا لمريد تزوجها، ورخص فى الدلال، والناصية العروس، وفى خصاء الحيوان إذا دعت الحاجة إليه، ودخل فى التغيير عبادة الشمس، والقمر، والنجوم، والحجارة، وغيرها إذا خلقت لغير ذلك، وسائر الكفر والمعاصى، وتضييع المال واستعماله فى المعصية، واستعمال الجوارح فى المعصية والمكروه، فإن ذلك تغيير للصفة الموضوع لها الشىء، وقد قال صلى الله عليه وسلم:

" كل مولود يولد على الفطرة "

.. الحديث، ونهى صلى الله عليه وسلم عن خصاء الخيل والبهائم، رواه البيهقى عن ابن عمر، وأجازه بعض فى الحيوان، وأجاز ابن سيرين خصاء الفحول، وكذا الحسن، وأجازه عطاء إن كانت تعض وساء خلقها، ومنع النووى خصاء الحيوان الذى لا يؤكل، وأجاز خصاء ما يؤكل إذا كان صغيرا قصدا لطيب لحمه { ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله } بمخالفة ما دعا إليه الله ما دعا إليه الشيطان، وذكر من دون الله تصريحا بالواقع كالصفة الكاشفة، لأن اتباعه مناف أبدا لاتباع أمر الله عز وجل { فقد خسر خسرانا مبينا } بتضييع ما له فى الجنة من النساء، والأملاك والخدم، وأحد ما للمؤمن فى النار من العذاب الدائم متعوضا فى ذلك النعم الدنيوية القليلة الناقصة الفانية المتنغصة بالهموم والأحزان.

[4.120]

{ يعدهم } ما لا يفى به من طول العمر ، ونيل لذائذ الدنيا من الجاه والمال، وقضاء الشهوات وأن لا بعث ولا حساب ولا جزاء، ونيل الخيرات فى الآخرة إن كان البعث، ووالله إنه لكائن { ويمنيهم } المعاصى واللذات، وذلك بالوسوسة وألسنة أوليائه { وما يعدهم } بالوسوسة والخواطر الردية وألسنة اولياءه { الشيطان إلا غرورا } إلا وعد غرور، أو إلا أشياء مغرورا بها، أو لأجل الغرور، أو هو مفعول ثان، والغرور هو إظهار النفع فيما لانفع فيه، أو فيه الضر، فيتركون له دينهم لذلك، ويطيلون الأمل، ويعصون ويظلمون الناس، مالا وعرضا وبدنا، وتقسو قلوبهم.

ناپیژندل شوی مخ