الواردين عليهم بسمرقند، وكان قد سمع من أبيه كثيرًا غيرَ أنه لم يكن له عنايةٌ بالحديثِ مثلَ والده، وكان فقيهًا فاضلًا واعظًا كاملًا حسنَ الصَّمتِ وَصُولًا للأصدقاء، وفي صفر سنة اثنتين وخمسين خرج من بغداد مُتَوَجِّها إلى وطنه بعد عودته من الحج، فلمَّا وصل إلى قُومسَ وجاوَزَ بسطامَ خرج جماعة من أهل القلاع وقَطعُوا الطَّريق على القافلة وقتلوا مقتلةً عظيمة من العلماء والقافلين من الحجاز أَكثر من سبعين نفسًا، وكانَ فيهم المجد النَّسَفِيُّ ﵀، وذلك يوم الإثنينِ السَّابع والعشرين من جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة بقرب كوف من نواحي بسطام (^١).
٢ - عليُّ بن أبي بكر بنِ عبد الجليل الفَرْغانيُّ المرغِينانيُّ صاحب "الهداية"، كان إمامًا فقيهًا حافظًا محدِّثًا مفسِّرًا جامعًا للعلوم ضابطًا للفنون متقِنًا محقِّقًا ناظرًا مدقِّقًا زاهدًا ورعًا بارعًا فاضلًا ماهرًا أصوليًّا أديبًا شاعرًا لم ترَ العيون مثلَه في العلم والأدب، وله اليدُ الباسطةُ في الخلاف، والباعُ الممتدُّ في المذهب، تفقَّه على الأئمة المشهورين، منهم مفتي الثَّقلين نجم الدين أبو حفص عمر النسفي، وقد صدَّر المرغينانيُّ مشيختَه التي جمعَها بذكره ثم ذكَر بعده ابنَه أبا الليث أحمد بن عمر النسفي، قال: وقرأتُ عليه بعض تصانيفه وسمعتُ منه كتاب "المسندات" للخصَّاف بقراءة الشَّيخ الإمام ظهير الدِّين مُحَمَّد بن عُثْمَان (^٢).
وهذه إجازة العلَّامة نجم الدين للمرغيناني في رواية "صحيح البخاري" بسنده إلى الكُشْمِيهَني والكُشَاني: قال الكَرْدَري: أخبرنا شيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الجليل بن الخليل بن أبي بكر بن عليٍّ الفرغانيُّ المرغينني صاحب
_________
(^١) انظر: "الجواهر المضية في طبقات الحنفية" (١/ ٨٦).
(^٢) انظر: "الجواهر المضية في طبقات الحنفية" (١/ ٣٨٣).
المقدمة / 22