وهو عمرُ بنُ محمدِ بنِ أحمدَ بنِ إسماعيلَ بنِ محمدِ بنِ عليِّ بنِ لُقْمانَ، النَّسَفيُّ ثم السمرقنديُّ، وهو مصنِّفُ تاريخِها الملقَّبِ بـ "القَنْد"، الإمامُ الزَّاهد نجمُ الدِّين أبو حَفْص.
أما نشأتُه فلم يَرِدْنا الكثيرُ عنها، لكن الذي يظهرُ من تلامذته ومشايخه ومكانتهم العالية أنه كان في مجتمعٍ يَزخرُ بالعلمِ والعلماء، وأنه قد تفاعَل مع هذا المجتمعِ منذ حداثةِ سنِّه، يدلُّ على ذلك مثلًا أنه قد رُوي عنه "أصول البزدوي" لفخرِ الإسلام البَزْدَوِيِّ كما سيأتي، وفخرُ الإسلام تُوفي سنة (٤٨٢ هـ)، وكان من شيوخه أيضًا إسماعيل بن إبراهيم بن محمد أبو محمدٍ النُّوحيُّ المتوفى سنة (٤٨١ هـ)، وكان العلامةُ صاحبُ الترجمة أيامَ موت هذين الإمامين في حوالي العشرين من عمره، ما يدلُّ على أن طلبه للعلم كان قبل ذلك بكثير، ولا شكَّ أن مَن بلغ شأوَه وصنَّف تصانيفَه لا بد وأن يكون قد طلَب العلم وهو صغير حدثُ السن.
وقد رحل الإمامُ النسفيُّ لأداء فريضةِ الحج، فمرَّ ببغدادَ وأخذ عن بعض علمائها، وحدَّث فيها عن شيوخه، قال ابن النجَّار: قدِم بغدادَ حاجًّا في سنة سبعٍ وخمس مئة، وسمع من أبي القاسم بنِ بَيَانٍ وغيره، وحدَّث بكتاب "تطويل الأسفار لتحصيل الأخبار" من جمعه وتأليفه، روى فيه عن عامة مشايخه.
٢ - علمه وثناء العلماء عليه:
هو عالمُ عصره، وفقيهُ زمانه، الذي ملأتْ تصانيفه طباقَ الأرض، وقد بلغتْ ما يقاربُ المئة في فنونٍ وألوانٍ شتَّى، من التفسير والفقه واللغة وغيرها، ويكفيكَ دلالةً على علمه ومكانته أنه تتلمذَ على يدِ كبار علماءِ عصره كفخر الإسلام البَزْدويِّ صاحب الأصول المشهورة، وأخيهِ العلَّامةِ أبي اليُسرِ البَزْدَويِّ، كما تتلمذ على يده
المقدمة / 12