الأصل الثالث
أنَّ التوحيد قسمان:
القسم الأول:
توحيد الربوبية والخالقية والرَّازقية ونحوها، ومعناه: أنَّ الله وحده هو الخالق للعالَم، وهو الرَّبُّ لهم والرازق لهم، وهذا لا ينكره المشركون ولا يجعلون لله فيه شريكًا، بل هم مُقرُّون به، كما سيأتي في الأصل الرابع.
والقسم الثاني:
توحيد العبادة، ومعناه: إفراد الله وحده بجميع أنواع العبادات الآتي بيانها، فهذا هو الذي جعلوا لله فيه شركاء، ولفظ الشريك يُشعر بالإقرار بالله تعالى.
فالرسل ﵈ بُعثوا لتقرير الأول ودعاء المشركين إلى الثاني، مثل قولهم في خطاب المشركين: [١٤: ١٠] ١ ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾، [٣٥: ٣] ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾، ونهيهم عن شرك العبادة، ولذا قال الله تعالى: [١٦: ٣٦] ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾، أي: قائلين لأمَمهم أنِ اعبدوا الله، فأفاد بقوله: ﴿فِي كُلِّ أُمَّةٍ﴾ أنَّ جميع الأمم لم تُرسل إليهم الرسل وتُبعث٢ إلاَّ لطلب توحيد العبادة، لا للتعريف بأنَّ الله هو الخالق للعالَم، وأنَّه ربُّ السموات والأرض، فإنَّهم مقرُّون بهذا.
_________
١ الرقم الأول رقم السورة، والثاني الآية في السورة (إسماعيل) .
٢ لفظ: (وتبعث) من خ.
1 / 50