الأصل الأول
أنَّه قد عُلم من ضرورة الدِّين أنَّ كلَّ ما في القرآن فهو حقٌّ لا باطل، وصِدْقٌ لا كذب، وهدى لا ضلالة، وعلمٌ لا جهالة، ويقين لا شك فيه.
فهذا الأصل أصلٌ لا يتمُّ إسلامُ أحد ولا إيمانه إلاَّ بالإقرار به، وهذا مُجمعٌ عليه لا خلاف فيه١.
الأصل الثاني
أنَّ رسلَ الله وأنبياءه - من أوِّلهم إلى آخرهم - بُعثوا لدعاء العباد إلى توحيد الله بتوحيد العبادة، فكلُّ رسول أوَّل ما يَقرَع به أسماعَ قومِه قوله: ﴿اقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾، ﴿أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ﴾، ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ﴾، وهذا هو الذي تضمَّنه قول (لا إله إلاَّ الله) .
فإنَّما دَعَت الرسلُ أمَمَها إلى قول هذه الكلمة واعتقاد معناها، لا مجرَّد قولها باللسان، ومعناها: هو إفراد الله بالإلهية والعبادة، والنفي لِما يُعبد من دونه والبراءة منه، وهذا الأصل لا مرية فيما تضمَّنه، ولا شكَّ فيه، وفي أنَّه لا يتم إيمانُ أحد حتى يعلمه ويحققه٢.
_________
١ وكذلك يجب التصديق والعمل بما ثبتت به السنَّة عن رسول الله ﷺ؛ لأنَّها وحيٌ من الله، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾، ولدخول السنة في قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾، وقوله: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾
٢ وقد تقدَّم في الفصل الثالث من المقدمة ذكر ما جاء عن الرسل من الآيات في ذلك إجمالًا وتفصيلًا، وذكر ما أجابتهم به أممهم من الآيات إجمالًا وتفصيلًا.
1 / 49