هذه الأمة أو سيدة نساء المؤمنين؟! ثبت ذلك في الصحيحين١.أو ليس المهاجرون والأنصار الذين قال لهم النبي ﷺ لا أملك لكم من الله شيئا سادات الأمة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه؟! وهذا يقول المعنى لا أملك لكم من الله شيئا إذا لم تؤمنوا بالله ورسوله، وأيضا فقوله إذا لم تؤمنوا بالله ورسوله استدراك منه على الرسول ﷺ فهو ﷺ قال: "لا أملك لكم من الله شيئا" فأطلق ولم يقيد بشرط الإيمان بالله ورسوله، ومفهوم الشرط الذي زاده هذا بقوله إذا لم تؤمنوا بالله ورسوله أنه يملك لهم من الله شيئا إذا آمنوا بالله ورسوله، وهذا منه رد على النبي ﷺ، النبي يقول لسادات المؤمنين لا أملك لكم من الله شيئا وهذا يقول بل يملك من الله شيئا لمن آمن به.
ثم قال المعترض: وكيف لا يغني عن بضعته وقرابته شيئا وقد أنزل الله عليه في حقهم:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب ٣٣] .
-قال- وكيف لا يغني عنهم شيئا وهو لما أنزلت عليه هذه الآية جمعهم وجللهم بكسائه
وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا" ٢ هل هذا إلا إغناء وفائدة لهم، بل هو يغني عن كل من آمن به. انتهى.
فانظر قوله كيف لا يغني عن بضعته وقرابته شيئا، فهذا منه استفهام إنكار فهو ينكر على النبي ﷺ في قوله لا أغني عنكم من الله شيئا، ويكرر الخبيث هذه الكلمة مرتين. النبي ﷺ يقول لا أغني عنكم من الله شيئا، وهذا يقول كيف لا يغني عنهم من الله شيئا، فهل يستريب من له أدنى نظر أن كلامه هذا رد على الرسول وإنكار عليه، بل العامي البليد يفهم هذا ومن
_________
١ أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، حديث ٣٦٢٤، ومسلم كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة بنت النبي ﷺ حديث رقم ٦٢٦٣.
٢ أخرجه الترمذي، كتاب المناقب، باب فضل فاطمة بنت محمد ﷺ، حديث رقم ٣٨٧١، قال الترمذي: هذا حديث حسن وهو أحسن شيء روي في هذا الباب.
1 / 75