الآية حديثا مرفوعا إلى النبي ﷺ قال: من زعم أن الله جعل للعباد شيئا من الأمر فقد كفر بما أنزل الله على أنبيائه لقوله: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ فله سبحانه الأمر كله وله الملك كله والحمد كله وإليه يرجع الأمر كله، فالأمر كله له سبحانه في الدنيا والآخرة، وإنما خص يوم القيامة في نحو قوله تعالى: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار ١٩] . لتفرده سبحانه في ذلك اليوم بالتصرف والحكم والتدبير، فليس لأحد معه في ذلك اليوم تصرف ولا تدبير ولا أمر ولا نهي، بخلاف الحال في الدنيا فإن الله سبحانه ملك أهلها ما خولهم فيها، فهم يتصرفون فيما أعطاهم بحسب اختيارهم مع كون الملك والأمر في الحقيقة لله وحده في الدنيا والآخرة وقد قال الله سبحانه لنبيه لما قال في شأن عمه أبي طالب: ﴿لأستغفر ن لك ما لم أنه عنك﴾ ١ ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة:١١٣] .وقال في شأن المنافقين: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة ٨٠] . وقال: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ [التوبة ٨٤] .
قال المعترض: وأما استدلاله بقوله لقرابته وبضعته "لا أغني عنكم من الله شيئا" معناه: إذا لم تؤمنوا بالله ورسوله لا أغني عنكم من الله شيئا بدليل قوله: "أنقذوا أنفسكم من النار" ٢. يعني بالإسلام - قال - وفي بعض روايات الصحيحين أنه ﷺ دعا قريشا فاجتمعوا وقال: "يا بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار - إلى أن قال - فإني لا أملك لكم من الدنيا منفعة ولا
_________
١ أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله، حديث رقم ١٣٦٠، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع، وهو الغرغرة، حديث رقم ١٣١.
٢ تقدم تخريجه ص ٥٦.
1 / 73