بعدما أخبر الله عنه بقوله ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى:٥] . قال: وظاهر كلام هذا الرجل إنكار الشفاعة بالكلية لقوله وهذا نص في أن من أراده الله بضر فلا منقذ له ولا شفيع – قال - ومعلوم أن من استوجب العذاب من المسلمين أو دخل فيه وشفع فيه الأنبياء أو الملائكة أو المؤمنون لا شك أن الله أراده بضر ونفعه ١ شفاعة الشافعين، فكيف يجوز لمسلم إنكار الشفاعة وهو يدعي أنه من أهل السنة والجماعة ويستدل عليها بآية الأصنام المتخذة أربابا. انتهى.
قوله: إن هذه الآية أعني آية يس في الأصنام خاصة فهو كاذب ضال في قوله هذا، بل الآية عامة في كل ما عبد من دون الله، لأن من أراده الله بضر لم يغن عنه معبوده شيئا سواء كان معبوده ملكا أو نبيا أو غيرهما فلا يكشف عنه ضرا أراده الله به ولا يجلب له نفعا، وأتى سبحانه في الآية بضمير العقلاء بالواو والميم فهي عامة في كل معبود من دون الله سواء كان عاقلا أم جمادا، يوضح ذلك قوله ﴿قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا﴾ [الإسراء:٥٦] . قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما هم الملائكة والمسيح وأمه وعزير. وقال ابن مسعود نزلت في أناس يعبدون ناسا من الجن فأخبر سبحانه أن هؤلاء لا يملكون كشف الضر عمن عبدهم ولا تحويلا من موضع إلى موضع. وقال تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام:١٧] . وهذا المعترض يقول هذه الآية آية يس فيمن عبد الأصنام، ومقتضى كلامه أن من عبد غير الأصنام أن معبوده ينفعه بشفاعة وغيرها، ومن المعلوم بالسنة المتواترة وإجماع أهل السنة بل الأمة أن من مات مشركا لا شفيع له، وأخبر سيد الشفعاء صلوات الله وسلامه عليه أن شفاعته لمن مات لا يشرك بالله شيئا، فمن عبد غير الله من ملك أو نبي أو صالح أو صنم أو غير ذلك فإنه لا يشفع فيه شافع
_________
﴿١﴾ في "ط" ونفعته.
1 / 69