الإنقاذ عن نبيه ويثبته لأقاربه من قريش، وقوله وإطلاق كلامنا ككلامه.... الخ.
قلنا: أما الاتفاق في الحروف فنعم وأما في المعنى فبين الكلامين من التباين ما لا نهاية له،
فالعجب من هذا التلبيس الذي لا يخفى على العامي السليم الفطرة.
ويقال له أيضا كذبت في قولك كلامنا ككلامه، فهو ﷺ يقول أنقذوا أنفسكم من النار بطاعة الله ورسوله فهذا السبب الذي أمرهم به ﷺ في دار العمل، وأنت تطلب الإنقاذ من النار من النبي ﷺ في دار الجزاء، فسببك الذي تعتمد عليه الشرك وهو الاستغاثة به ﷺ لينقذك من عذاب الله يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله، والسبب الذي أمر به ﷺ التوحيد ولزوم طاعة الله ورسوله، فالسبب الذي أمر به ﷺ يوصل إلى رضى الله والجنة والسبب الذي تدلي به يبعد عن الله غاية الإبعاد وهل قال النبي ﷺ لابنته وعمه وعمته والمهاجرين والأنصار أنا أنقذكم من عذاب الله أو أتسبب في إنقاذكم فلا تخافوا، فلو كان النبي ﷺ شيء من هذا الأمر ذلك اليوم لكان هؤلاء أحق من غيرهم.
وقوله كيف ينفي الإنقاذ عن نبيه ويثبته لقريش.
قلنا: لم ننف الإنقاذ عنه ﷺ، بل هو الذي نفاه عن نفسه بقوله: " لا أملك لكم من الله شيئا". "لا أغني عنكم من الله شيئا " فالإنقاذ الذي أمرهم به غير الإنقاذ الذي نفاه عن نفسه.
قال المعترض: وأما استدلاله بقوله سبحانه عن صاحب يس: ﴿أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَانُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِي﴾ [يس:٢٣] . فإن هذا في الأصنام التي اتخذها الكفار آلهة وأربابا من دون الله – قال - فهل يستدل من له أدنى تمييز على عدم شفاعة النبي ﷺ وإنقاذه لأمته بمثل هذا الدليل الباطل الذي ساوى فيه الأصنام بسيد الأنام
1 / 68