(والخلف لفظي) عن هذا، ليعود للصور الثلاث، فإنَّ قيل: كيف تجتمع هذه المسألة معَ قَوْلُه أولًا: (إن المباح ليس مكلفًا به)؟ فالجواب: أنه لا يلزم من كون الإباحة حكمًا شرعيًا، أن يكون مكلفًا بها، فإنَّ التكليف تفعيل مما فيه كلفة، إما بالتزام فيه أو طلبه، ولا كلفة ولا إلزام ولا طلب في المباح.
ص: (وأن الوجوب إذا نسخ بقي الجواز، أي: عدم الحرج، وقيل: الإباحة، وقيل: الاستحباب).
ش: (٢٦أ) الجواز يطلق لمعنيين: أحدهما: رفع الحرج عن الفعل، فيدخل فيه الواجب وغيره، والثاني: رفع الحرج عن الفعل والترك، وهو مستوى الطرفين، وهو المباح في اصطلاح المتأخرين والأول لا شك أنه لازم للوجوب، والثاني ضده فلا يكون جازمًا، قالَ القرافي: وظاهر كلامهم إرادته، وأما الْمُصَنِّف فأشار بقوله: أي رفع الحرج، إلى أن القائل ببقاء الجواز، اختلفوا في تفسيره: هل معناه رفع الحرج الذي هو جنس غير مقيد بالتخيير، أو رفع الحرج عن الفعل والترك على السواء وهو الإباحة، أو لا معَ السواء وهو الندب؟ والفرق بينَ هذا وبين الأول: أن الأول يجعل الجواز للقدر المشترك بينَ الندب والإباحة في ضمن واحد لإبقاء نوع منهما على التعيين، والثاني والثالث بخلافه، فأما الأول: فهو قضية كلام (المحصول) وأتباعه،