عصر الاتساق: د عربي ملت تاریخ (څلورمه برخه)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
ژانرونه
وكان يزيد عاقلا مدبرا، فيه كثير من صفات أبيه، ولكن ما جرى في زمانه من الحوادث المؤلمة جعل الناس ينظرون إليه نظرة ازدراء وانتقاص، وأكثر المؤرخين يذهبون إلى التهجم عليه، وسلبه المزايا التي كان يتحلى بها. يقول أستاذنا مؤرخ الشام محمد كرد علي: «سار على خطة أبيه في جهاد الروم، وكان جلدا صبورا، ولم تمنعه فتنة ابن الزبير وشيعة العراق عن قتالهم، وأهم الأحداث في زمانه قتل الحسين بن علي - رضي الله عنه - وحمل رأسه الشريف إلى الشام، وإهانة أسرته الطاهرة وقتل بعض رجالها، فارتكب ابن زياد عامل العراق ليزيد من ذلك أمرا، أكبره أهل الإسلام، وزادت بذلك شيعة علي وآله حنقا وشدة، ولم يكن يزيد يريد قتل الحسين عملا بوصية والده، فإن زحر بن قيس لما حمل من العراق إلى الشام أهل بيت حسين، ودخل على يزيد وبشره بذلك دمعت عينه، وقال: قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سمية (يعني ابن زياد)، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين.
واتفق أهل المدينة سنة 62 على خلع يزيد، فجهز جيشا فقاتل جند الشام أهل المدينة في الحرة، واستباح مسلم المدينة، وكان قتلى الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش والمهاجرين والأنصار، وعشرة آلاف من وجوه الموالي، حنقت نفوس الأمة من وقعة الحرة؛ لأن فتنتها التهمت بضع مئات من علية قريش، وكانت غلطة زياد في قتل الحسين وسبي آله الطاهرين، ذريعة أكبر للنيل من يزيد وآل يزيد، فتقولوا عليه وحطوا من كرامته، مع أنه سار كسيرة أبيه في الملك من التوسع في الفتوح، وقتال أعداء المملكة من الروم. أما وقعة الحرة فإن أهل المدينة استطالوا على يزيد وحاسنهم، فخاشنوه وأحرجوه حتى أخرجوه.»
14
ونحن لا نشارك أستاذنا في رأيه؛ فإن يزيد مسئول عن أعمال عماله، فهو الذي وجههم، وهو الذي زودهم بما يجب عليهم عمله، وإذا كان ما جرى في كربلاء قد جرى بدون علمه ولا موافقته، بل إنه استنكره واستبكاه، فإن ما جرى في الحرة والمدينة قد جرى بأمره، وما اختياره «مسلما» لقتال الحجازيين، وهو يعرف عنه الغلظة والقسوة، إلا اختيار متعمد مقصود. وقد كنا نأمل من رجل بلغ من العمر عتيا، بل هو على حافة قبره أن يرعى الله في بيته الحرام، ومقبر نبيه - عليه الصلاة والسلام - ولكنه كان شيخا عاتيا ظالما، أدركته حماقة من حماقات الجاهلية، واستولت عليه نزوة من نزوات الشيطان، ففعل فعلاته، وعين يزيد تراه، وأذنه تسمعه، ويده تدفع به، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وبعد، فهذه بعض المآخذ على يزيد؛ على أن له محاسن تتجلى في حزمه وعزمه على توطيد أركان الملك الذي شاده أبوه، وحماسته لنصرة الإسلام ونشر رايته في بلاد الروم.
قال الدكتور حتي: «ولقد حاصر جيش الأمويين القسطنطينية ثلاث مرات، ولم يتمكن العرب في غيرها من بلوغ الأسوار الثلاثة حول هذه العاصمة المنيعة، وكان أول حصار بقيادة يزيد سنة «49ه/669م»، وقد قصد معاوية من إرسال يزيد على هذه الحملة أن يجعله سندا لفضالة بن عبيد الأنصاري، الذي توجه برا وكان قد قضى شتاء 668-669م في خلقيدونية ضاحية القسطنطينية الآسيوية، وأن يرد من ناحية ثانية على هؤلاء الذين كانوا يرتابون في كفاءة يزيد لولاية العهد، ولا يرضون عن بيعته. ولقد جاء في الروايات والأساطير العربية أن يزيد أظهر في هذه الحرب من الشجاعة والبأس ما أكسبه لقب فتى العرب. وذكر صاحب الأغاني: أنه في أثناء الحصار نظر يزيد إلى قبتين مبنيتين عليهما ثياب الديباج، فإذا كانت الحملة للمسلمين ارتفع من إحداهما أصوات الدفوف والمزامير، وإذا كانت الحملة للروم ارتفعت أصوات من الأخرى، فسأل يزيد عنهما فقيل له: هذه بنت ملك الروم، وتلك بنت جبلة بن الأيهم، وكل واحدة منهما تظهر السرور بما تفعله عشيرتها، فتحمس يزيد وقال: أما والله لأسرنها، ثم حمل حتى هزم الروم، فأحجرهم في المدينة، وضرب باب القسطنطينية بعمود حديد كان في يده فهشمه حتى انخرق.»
15 (8) كبار رجال الدولة في عهد معاوية ومن بعده (1)
عمرو بن العاص السهمي القرشي (؟-43) ولاه النبي إمرة «ذات السلاسل»، وكان أحد أمراء جيوش فتح الشام أيام عمر، فتح قنسرين وصالح أهل حلب، فاتح مصر، وصاحب معاوية، ولاه مصر وأطلق له خراجها ست سنين، وله آثار وأخبار كثيرة. (2)
عبد الرحمن بن سمرة القرشي (؟-50) فاتح سجستان، وكان من كبار الناس في العقل والحزم والنبل والعزم. (3)
عثمان بن أبي العاص الثقفي (؟-50) الذي ولاه النبي على الطائف، وفتح على يديه فتوحات كثيرة واستقر في البصرة، وكان من فضلاء الزمان. (4)
ناپیژندل شوی مخ