وهم يعنون عناية خاصة بتربية هجن الركوب وترويضها على حسن الخصال، ومن عادتهم أنهم إذا نزلوا للمقيل بواد فيه كلأ عقلوا إبلهم بأيديها وسرحوها فترعى في جوار المقيل، فاتفق في بعض أسفاري في سيناء أن ناقة سرحت بعيدا عن مقيلنا، فجد صاحبها في طلبها حتى وجدها، وكان الركب قد سبقه فلحق به ولم يقف في مؤخره، بل بقي راكبا إلى مقدمه، ثم عاد بها إلى مؤخره وسار معه، فسألته في ذلك، فقال: أروضها كي تبقى مع رفاقها، فلا تذهب بعيدا عنهم في الحل أو الترحال، ومن أقوالهم في عقل الإبل للمرعى: «جملك إن عقلته لك النصف فيه، وإن قيدته لك الربع فيه، وإن أطلقته ما لك حاجة فيه.»
وهم قلما يستخدمون الأرسنة لغير الهجن، أما المستعصية منهم فإنهم يخزمونها في أنوفها.
ومن الإبل ما يثور في فصل الشتاء في شهر طوبة فيفتك بصاحبه، وقد حدثني البدو عن كثيرين ذهبوا فرائس الإبل الثائرة، فمن ذلك «الشيخ حميد» المدفون في «بئر الشيخ» بين بئر الثمد وجزيرة فرعون، قالوا: ثار عليه جمل فقتله.
ورأيت في منتصف «وادي الحيطان» رجما من الحجارة، مغطى بأغصان الشجر، قالوا: هذا «رجم الشيخ أبو براطم الحويطي» قتله جمل ثائر، وأشاروا إلى تلة صعبة المرتقى جدا في جوار الرجم، وقالوا: لجأ أبو براطم إلى تلك التلة فلحقه الجمل إليها، وبقي يطارده فيها حتى ظفر به وقتله.
ولإبل سيناء صبر عجيب على العطش، ففي أيام الربيع تبقى شهرين أو أكثر بلا ماء، أما في أيام الصيف فالتي تشتغل منها تطلب الشرب كل يوم أو كل يومين، وقد تصبر إلى اليوم الثالث والرابع، وهم يردون بها إلى الآبار أذوادا كل ذود في حوض، ويروونها على نغم الأناشيد ولطيف الأشعار كما سيجيء.
ولكل قبيلة منهم شارة خاصة تسم به إبلها في الوجه والعنق والورك كما سيجيء.
وسعر الجمل الواحد عندهم من خمسة جنيهات إلى عشرين جنيها أو أكثر، ولكن لا يبلغ هذا الثمن الأخير إلا ما كان من الهجن الأصيلة.
وتختلف أسماء الإبل باختلاف أسنانها، وهذه هي كما أخذتها عنهم:
المباري أو الحوار:
وهو ولد الناقة قبل أن يفطم، ومدة الرضاع تختلف من خمسة أشهر إلى ثمانية أشهر، قالوا: إن ولد الناقة يقف في اليوم الأول من ولادته، ويمشي في اليوم الثالث، ويرافق أمه للمرعى في اليوم السابع.
ناپیژندل شوی مخ