الله الأمير شهاب الدين ابن صبح أحسن إلينا، وشرعت أعدد ما فعله من الخير، وقد جرى له ما جرى.
فقال لا بأس عليه، فقلت: ادع له، فقال: ادع أنت ونحن نؤمن على دعائك، فتوقفت تأدبا له، فقال: إذا دعوت وأمنا فكأننا قد دعونا، فدعوت بحضرته قائما مبتهلا، وهو ومن بحضرته يؤمنون، وهذه عناية، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده، فكتبت إليه إلى الاسكندرية أبشره ففرح وأعاد جوابي في ظاهر كتابي، وأكد علي في الدعاء فلم يلبث إلا أيام يسيرة وفرج الله عنه وكتابه عندي، وكانت مدة نيابته ست سنين وثلاثة شهور وعشرة أيام.
وفي ذلك الوقت مات السلطان الملك الصالح صالح ابن بنت المرحوم تنكز، ثم تسلطن وأعيد إلى الملك ثانيا أخوه الملك الناصر حسن في ثاني شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة.
ولما توجه المقر الشهابي ابن صبح إلى الشام حضر للنيابة بصفد المقر الأشرف السيفي منجك الهمام، أحد ملوك الإسلام صاحب الحل والنظام، ذو العطايا والإنعام، مسهل الأرزاق مع الابتسام، صبيح الوجه، كريم النفس، عفيف الفرج، رطب الأقلام، كثير الصوم، قليل النوم، طويل القيام وصل إليه شيء من شعر الرسول عليه الصلاة والسلام، فبلغ به نهاية السؤل والمرام، ولم يزل في وقاية وذمام، وكان وروده من نيابة الشام بكرة الخميس ثامن عشر ذي الحجة سنة تسع وخمسين وسبعمائة ومتسفره قرابغا الخاصكي، وكانت للمقر الأشرف السيفي منجك إقامة بصفد قبل ذلك، وعامل الصفديين بلطف وإحسان، ففرحوا بنيابته، وابتهجوا لذلك، فأحسن إليهم، وعاملهم بأعظم ما كان يعاملهم به من اللطف والإحسان ولين الجانب، وكانت أيامه أيام خير، لكنه لم يقم إلا أياما يسيرة ثمانية وخمسين يوما، ثم طلب إلى مصر فتوجه في سابع صفر سنة ستين وسبعمائة.
مخ ۱۴۴