ولما رجع على من صفين فارقه الخوارج وأتوا حروراء، فنزل بها منهم اثنا عشر ألفا، ونادى مناديهم : إن أمير القتال شبث بن ربعى التميمى، وأمير الصلاة عبد الله بن الكواء اليشكرى، والأمر شورى بعد الفتح والبيعة لله عز وجل ، والامر بالمعروف والنهى عن المتكر، فلما سمع على ذلك وأصحابه قامت الشيعة فقالوا له : فى أعناقنا بيعة ثانية، نحن اولياء من واليت، واعداء من عاديت، فقالت الخوارج: استبقتم أنتم وأهل الشام إلى الكفر كفرسى رهان، بايع أهل الشام معاوية على ما أحبوا وكرهوا، وبايعتم أنتم عليا على انكم اولياء من والى وأعداء من عادى.
~~فقال لهم زياد بن النضر : والله ما بسط على يده فبايعناه قط ، إلا على كتاب الله وسنة تبيه، ولكنكم لما خالفتموه جاعته شيعته فقالوا له نحن اولياء من واليت وأعداء من عاديت، ونحن كذلك، وهو على الحق والهدى، ومن خالفه ضال مضل.
~~وبعث على عبد الله بن عباس إلى الخوارج وقال : لا تعجل إلى جوابهم وخصومتهم حتى آتيك، فخرج إليهم فأقبلوا يكلمونه، فلم يصبر حتى راجعهم فقال : ما نقمتم من الحكمين، وقد قال الله تعالى: {إن يريدا إصلحا يوفق الله بيهمأ* [النساء : 35] فكيف يأمة محمد فقالت الخوارج؛ أما ما جعل الله حكمه إلى الناس وأمرهم بالنظر فيه ، فهر إليهم ، وما حكم فأمضاه فليس للعباد أن ينظروا فيه ، حكم فى الزانى مائة جلدة، وفى السارق القطع ، فليس للعباد أن ينظروا في هذا .
~~قال ابن عباس : فإن الله تعالى يقول: (يخكم بوء ذوا عدل تنكم [المائدة : 95].
~~فقالوا: أو تجعل الحكم فى الصيد والحرث وبين المرأة وزوجها كالحكم فى دماء المسلمين؟!
~~وقالوا له : أعدل عندك عمرو بن العاص، وهو بالامس يقاتلنا؟! فإن كان عدلا فلسنا بعدول، وقد حكمتم فى أمر الله الرجال، وقد أمضى الله حكمه فى معاوية وأصحابه أن يقتلوا أو يرجعوا، وقد كتبتم بينكم وبينهم كتابا، وجعلتم بينكم الموادعة، وقد قطع الله الموادعة بين المسلمين وأهل الحرب مذ نزلت ابراءة» إلا من أقر بالجزية .
~~وبعث على زياد بن النضر فقال : انظر بأى رءوسهم هم أشد إطاعة، فأخبره بأنه لم يرهم عند رجل أكثر منهم عند يزيد بن قيس؛ فخرج على فى الناس حتى دخل إليهم ، فأتى فسطاط يزيد بن قيس، فدخله، فصلى فيه ركعتين، وأمره على أصبهان والرى، ثم خرج حتى انتهى إليهم وهم يخاصمون ابن عباس فقال : ألم أنهك عن كلامهم؟ ثم تكلم ----
مخ ۷۲